من الذي لا يحب «ميليا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعض النماذج التي نصادفها في حياتنا تبدو استثنائية، وغير قابلة للتكرار، ويصعب على معظمنا الاقتداء بها تماماً، أو منافستها، ومشوارها يحمل الكثير من التفاصيل المدهشة القادرة على تحريض خيالات عشرات الكتاب الملهمين، لصناعة قصص وروايات، وسرد لا يمل.

وعلى ندرة هؤلاء الاستثنائيين تأتي استثنائية مصادفتهم في حياتنا، وجودة القصص التي نقرأها عنهم، ومن ذلك ما نقلته محطة «فوكس نيوز» عن الخارقة ميلبا ميباني، فتاة المصعد، التي بدأت مسيرتها المهنية في الـ17 من عمرها، وتقاعدت من وظيفتها في أحد متاجر تكساس للبيع بالتجزئة عن عمر 90 عاماً، بعد أن قضت فيها 70 عاماً كاملة، متنقلة في أقسام عدة، من دون أن تتغيب يوماً واحداً.

التقارير الإخبارية، التي تم تداولها بعد بث حكاية ميليا، وصفتها بالمثيرة للإعجاب، لكن ما صنعته المرأة في الحقيقة أكثر بكثير من مجرد هذا الوصف، وهو ما أدركته جهة عملها، حينما قررت الاحتفاظ بصورة دائمة لها على جداره، ومنحتها جائزة «ما بعد التميز».

الجزء الأهم في حكاية ميليا لا يرتبط بعدم الانقطاع عن الدوام على مدار سبعة عقود، والمحافظة على روتين الذهاب إليه، بل بسلوكها الملتزم تجاهه طوال تلك السنين، وشغفها بأدائه، وإجادتها وإخلاصها في تقديم خدمتها للزبائن، بل وإيمانها الشديد بقيمة ما تؤديه وأهميته.

اختصرت ميليا الفترة الزمنية المخصصة لتناول الغداء إلى نصف ساعة فقط، حتى لا تفوت فرصة خدمة زبائنها، وفي الصباح كانت دائماً حريصة على القدوم قبل الموعد بساعة كاملة، ضماناً لعدم التأخير، بسبب زحام موقف السيارات.

لا يمكن تصور أن ميليا لم تمرض يوماً، ومن المؤكد أنها كانت تتحامل على نفسها في بعض الأيام، للذهاب إلى العمل وأداء واجبها فيه، ما دام بمقدورها ذلك، وبالفعل كانت تستعين خلال السنوات الأخيرة بابنها، من أجل معاونتها في رحلة الوصول إلى مقره.

ما تم نقله عبر القناة عن ميليا أنها بشوشة محبوبة ومقدرة من الجميع، زبائن، زملاء، إدارة، ونحن أيضاً نحب ميليا، وكل من سار أو اقترب من دربها في أداء عمله، وحتى أولئك الذين كانوا ينافسونها يوماً على الترقي الوظيفي أو امتياز ما أو ما شابه، لا بد أنهم كانوا كذلك أيضاً.. فمن الذي لا يحب ميليا.. ونظرائها؟

 

Email