حتى تزداد ثراءً

فضيلة العطاء فضيلة عظيمة حثنا عليها ديننا الحنيف، ومأثوراتنا القديمة وأمثالنا الشعبية، إن فضيلة العطاء تكمن في موضوع الاستثمار، فأنت حينما تعطي تأكد من أن هذا العطاء سوف يعود عليك بالفائدة وسوف تزداد ثراء. إن العطاء يجعلك تشعر بأنك شخص مختلف وتعيش حياتك بنوع من الامتنان. إن أولياء أمورنا منذ طفولتنا يغدقون علينا الحب والسعادة ومحاولة تلبية أمورنا المادية من دون أن ينتظروا منا سوى رد الجميل، إن ما يفعلونه نوع من الاعتناء بنا، هذا العطاء اللامحدود يولد في دواخلنا محبة كبيرة تجعلنا نغدق عليهم بلا حساب، إن العطاء مثل البذور تزرعها اليوم حتى تحصد ما يمكن أن تتبرع به للآخرين، يمكنك أن تبحث عن فعل تستطيع القيام به، ابحث عن عائلة محتاجة يمكنك أن تتبرع لها ببعض الاحتياجات الضرورية، حاول أن تشارك مجتمعك بعطائك، مثلاً عامل توصيل الطلبات أو حتى فني الكهرباء أو عمال الشوارع ببعض الأغراض البسيطة والطعام، حاول أن تسعد نفسك بهذه التفاصيل الصغيرة وثق بأن عطاءك سوف يرتد عليك في يوم ما، دعونا نتخيل مجرد مشاركتنا في زرع هذه التفاصيل الصغيرة ونشر ثقافة العطاء بجميع طرقه في مجتمعنا سوف يعود علينا جميعاً بالثراء، تخيل أن هذا الفعل سوف يؤثر في الأغلبية في مجتمعاتنا، اكتب على الأشياء التي تتبرع بها عبارة: «من شخص يهتم بكم ويتمنى أن يأتي يوم حتى تتمكنوا من الاهتمام بأنفسكم وتتمكنوا من رد الجميل لشخص آخر محتاج».

تخيل لو أن هذا الفعل انتشر في مجتمعاتنا، تخيل الوجوه المبتسمة، حينما يشعرون بأن هناك من يهتم بهم، ثق بأن هذا قد يصنع فرقاً في حياتهم، أعطِ أكثر مما تتوقع أن تأخذ، إن سر الحياة العطاء، إذا أردت لحياتك النجاح فعليك أن تتعلم كيف تعطي، معظم الناس من حولنا لا يفكرون سوى في الأخذ، إن سياسة الأخذ للأسف تؤدي إلى تكاثر المصاعب في الحياة، إن العلاقات مفتاحها العطاء، مثلاً زوجان يتخاصمان كل يوم وكل واحد منهما يلوم الآخر وفي انتظار الرحمة والعطف والمحبة من الآخر، كيف سوف تنجح العلاقات إذا لم يكن هناك عطاء؟

إن العطاء مثل البذور التي تزرعها إنها تحتاج لرعاية واهتمام حتى تصل إلى التربة فتخصبها وترعاها، فإذا اهتممت بها سوف تحصل عليها في النهاية، يجب عليك أن تستمر في العطاء والرعاية حتى تحصل على فاكهتك، هذا هو مفهوم العطاء حتى تزداد ثراء تحتاج إلى الصبر والهدوء والحكمة، وأن تأخذ النجاح كعملية وأسلوب حياة وعادة ذهنية وطريقة تفكير في الحياة، إن الطريق نحو الثراء ونحو السعادة هو مساعدة الآخرين، 
يقال إن الفكرة التي توجهها لعقلك الباطن، حينما تساعد الآخرين، هي أنك قوي وأنك تملك المال والذكاء، ووفق هذه الفكرة، يتعامل معك عقلك الباطن، ويقودك نحو المزيد من السعادة والتميز، وأيضاً النجاح في الحياة، ومعها تلمس أن أموالك تتزايد، وأن الخير الذي قدمته بات محل تقدير لدى الكثير من الناس.

يقول الكاتب والشاعر الأمريكي رالف والدو إمرسون: «من بين المزايا الجميلة لهذه الحياة أنه ما من أحد يحاول بإخلاص مساعدة شخص آخر إلا ويساعد نفسه».

وهذه حقيقة، فأنت حينما تمد يد المساعدة للآخرين فأنت تساعد نفسك، وكما يقال فإن فعل الخير يرتد على صاحبه، والأعمال الخيرة والجميلة ومحاولة التخفيف على الآخرين، جميعها أعمال من شأنها أن تجذب السعادة والراحة النفسية، ومعها تتزايد مشاعر الاحترام من الآخرين، فتشعر بأن الحياة نقية وأكثر إنسانية.

لنهتم بالآخرين، ولنمدّ لهم يد العون والمساعدة قدر الاستطاعة، من يدري فقد تزداد ثراء وإنسانية.