«إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، حكمة نعرفها جميعاً، فقد توارثناها عن أسلافنا. فهمناها جيداً وطبقناهاـ ولا نزال ـ في الكثير من مفاصل حياتنا والمواقف، التي نمر بها، لما لها من تأثير، وإيقاع خاص في النفس، فمن خلالها نكتشف كيف تكون آداب الحوار وفنون التخاطب، وندرك مواضع الصمت، وكيف يمكن استخدامه أحياناً ستاراً لإخفاء نقاط الضعف، وكيف يمكننا، من خلال الاستماع الفعال إثراء معارفنا، وصقل مهاراتنا واكتشاف إمكاناتنا.
وفي ظل توافر المعلومات، وتعدد مصادرها لم يفقد فن التخاطب بريقه، وإنما تعمقت الحاجة إليه، لا سيما أن «الكلمة» أصبحت كل شيء، فهي مفتاح القرار والمعرفة والعلاقات الاجتماعية والمهنية، وهي أداة التعبير عن قدراتنا وآرائنا ورؤانا، ووجهات نظرنا، وهي سر نجاحنا في إدارة الحوار والتخاطب، الذي تعزز وجوده لكون العنصر اللغوي أو اللفظي يعتبر من أهم علوم البرمجة العصبية، حيث تتناغم الكلمات والجمل في سياق واحد، وتمكننا من إيصال رسالتنا، وتعزيز قدرتنا على تبادل الأفكار مع الطرف الآخر.
فن الحوار أو التخاطب ليس قاصراً على معرفة طرق ترتيب الجمل والكلمات، وانتقاء الأفضل منها، وتقديمها بطريقة فلسفية، وإنما هو طريقة لمعرفة التقاط أطراف الأفكار وعرضها وتعزيزها، خلال عملية طرحها أمام الطرف الآخر، والابتعاد تماماً عن الجوانب السلبية، التي يمكن أن تثير الاستفزاز في الحوار، وبالتالي قطعه، والخروج منه من غير فائدة، كما يعد فن التخاطب وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس، وإظهارها بطريقة احترافية قادرة على منح انطباع إيجابي من النظرة الأولى.
في فن التخاطب لا يجدر التمسك بالرأي الواحد، وإنما يجب احترام وجهات النظر، وإن تباينت، لذا فهو يشبه تماماً اللوحة المرسومة بإتقان، حيث تتناغم فيها الألوان، ما يكسبها روعة الظهور، ولذا فإن فن التخاطب يساعدنا على إظهار أفضل ما لدينا، وما نتمتع به من سلام داخلي، ومعرفة عالية.
مسار
الكلمة مفتاح القرار والمعرفة وأداة التعبير عن أفكارنا.