ما الذي يدفعنا نحو الإنجاز، والإصرار على تحقيق النجاح؟ سؤال فضفاض وفلسفي الطابع، إجاباته متنوعة بقدر اختلاف شخصياتنا وتجاربنا، فكل فرد منا يحدد إجابته بناء على تجربته، وخبرته في مجاله أو مجالات الحياة المتنوعة، وطبقاً لما يمتلكه من طاقة تحفيزية قادرة على تسخير إمكاناته ومعرفته في تجاوز التحديات، وانتكاسات الحياة.
تحقيق النجاح ينبع أصلاً من الفشل، وهذه حقيقة مجربة، ولدينا في ذاكرة العالم عشرات التجارب، التي تؤكد أن طعم الفوز الحقيقي يكمن في الخسارة، التي تدفعنا للنهوض، وإعادة المحاولة مرة أخرى، والتعلم من خلال التفكير في التجربة ودراستها، لتحديد نقاط الضعف، وإعادة تكرارها مجدداً، بعد حصر الأضرار المحتملة، ما ينمي فينا الشعور بالمسؤولية، ويمكن وصفها بـ«ثمرة الإحباط»، التي لو لم تتكون لدينا لما تمكنا من تحديد نقاط ضعفنا.
التعرض للإحباط، وخيبة الأمل ليس بالأمر النادر، والناس في الخيبات سواسية، ولكن الفرق يكمن في طبيعة خطوتنا التالية، ومدى تقبلنا للخسارة وتعاملنا معها، وكذلك مقدار خوفنا من نظرة المجتمع، ومدى قوتنا على النهوض بعد السقوط، وشغفنا لتذوق «عسل الفوز». الكثير منا يكره الخسارة، ويسعى بكل جهده، لتحقيق الفوز من «الضربة الأولى»، ولكن الحياة لا تسير وفق أهوائنا، وإنما تفرض علينا قواعد محددة يجب الالتزام بها، والفوز والخسارة يمثلان قواعد راسخة فيها، وعلينا القبول بهما، لنتمكن من تحقيق أهدافنا الحقيقية.
طبيعة النفس البشرية معقدة، فالبعض منا يركن إلى الخسارة، ويعتقد أنها تشكل نهاية المطاف، ويجد فيها مبرراً للتسليم والتوقف عن التعلم، والتفكير خوفاً من خوض تجارب أخرى جديدة، بينما هناك من يجد في الخسارة ملاذاً، لتحفيز الذات على تحقيق النجاح، وطريقاً لطرد الطاقة السلبية، والقدرة على تحقيق الهدف، إيماناً منه بأن النجاح نسبي والخسارة كذلك، وأن حياة الإنسان لا تختزل في النجاحات فقط، وإنما في نوعية المعارك الصغيرة، التي يخوضها مع نفسه، والمخاوف التي يتخطاها، ولا يعلم بأمرها سواه.
مسار:
الخسارة تنمي فينا الشعور بالمسؤولية وترفع شغفنا لتحقيق الفوز.