مع إكمال مهمة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي الطموحة بنجاح.. تكون دولة الإمارات قطعت شوطاً طويلاً ومكثفاً في مسيرتها العلمية لاستكشاف الفضاء وتضع قدماً راسخة ضمن فريق النخبة الدولي.
هذا النادي الذي ظل حكراً على عدة دول ولم تزاحمها فيه أي دولة عربية أو إسلامية.
قد يظن البعض أن بداية اهتمام الإمارات بالفضاء تعود إلى العام 2019 حيث أولى تجاربها لاستكشاف القمر، ولكن هذا الاهتمام يعود إلى سنوات قريبة من تاريخ التأسيس عندما التقى الشيخ زايد الوالد المؤسس، رحمه الله، مع فريق وكالة ناسا للفضاء المسؤول عن مشروع أبوللو إلى القمر.
مثّل هذا اللقاء حافزاً لتوجيه اهتمام الإمارات إلى الفضاء، ما أدى إلى ولادة قطاع فضائي راسخ مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات عام 1997 تلاها شركة ياه سات عام 2007، ثم توالت المشاريع حتى صدور قرار تأسيس وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء.
هي إذاً جهود تراكمية ممتدة لقرابة ربع قرن من العمل الدؤوب تقودها فرق وكوادر وطنية تم تأهيلها بحرفية وتزويدها بالمعارف وتمكينها إيماناً من القيادة الرشيدة بأن قطاع الفضاء واحد من القطاعات الاستراتيجية الممكنة والمؤهلة لتحقيق الريادة في قطاعات العلوم المستقبلية.
ومن هنا اعتبرت السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا في الدولة... قطاع الفضاء مشروعاً وطنياً يهدف إلى تعزيز تنافسية الصناعات الفضائية في الإمارات وتأهيل القدرات الوطنية وبناء قطاع فضائي وطني قوي ومستدام يدعم المصالح الوطنية ويساهم في تنويع الاقتصاد ورفع الكفاءات وترسيخ مكانة الدولة إقليمياً وعالمياً.
وحتى تتحقق هذه الأهداف ارتأت الدولة أن استدامة هذا القطاع الحيوي لا بد أن تستند إلى أسس دعم راسخة قانونية وعلمية وموارد بشرية ومالية.
فقد أصدرت أول قانون من نوعه عربياً وإسلامياً يتعلق بالأنشطة الفضائية متضمناً باقة من التوجيهات والتشريعات الناظمة المتعلقة بالاستيطان البشري للفضاء.
كما جاء قرار إنشاء صندوق الفضاء الوطني بقيمة 3 مليارات درهم بهدف تعزيز الاستثمار في هذا القطاع من رواد الأعمال والشركات الخاصة وتمويل الأنشطة المستقبلية ورفع جاهزيته وتطوير القدرات.
كما تم تأسيس أول مركز أبحاث فضائي في المنطقة لتأهيل الكوادر وليكون حاضناً للابتكار بقيمة تزيد على 100 مليون درهم. تثبت خطوات دولة الإمارات الدؤوبة لاستكشاف الفضاء، بدءاً من تأسيس شركة الثريا عام 1997، ومروراً بإرسال رواد الفضاء، وانتهاء بمشروعها الطموح 2117 لبناء أول مستعمرة بشرية على سطح المريخ..أن الإنفاق على هذه المشاريع لم يكن ترفاً أو بهدف جلب دعاية تخبو بعدها الأضواء، وإنما لهدف أسمى هو مشاركة تجاربها العالم أجمع، وأن تصبح للعرب وللدول الإسلامية قاطبة قدم راسخة مع باقي دول العالم في سبر غور الفضاء كما كانت لهم الريادة في السابق.