جائزة الإعلام العربي.. شهادة مشارك

مرت عشر سنوات منذ تشريفي بالاختيار عضواً بمجلس إدارة جائزة الصحافة العربية ونائباً لرئيس مجلس الإدارة، ثم رئيساً لهذا المجلس المحترم وبعدها لمجلس جائزة الإعلام العربي، بعد أن تغيرت فلسفة الجائزة وفئاتها ووسائل الإعلام التي تشملها.

وخلال هذه السنوات العشر، تشرفت بمزاملة قامات إعلامية وصحافية سامقة من دولة الإمارات الشقيقة ومن عدد كبير من الدول العربية الشقيقة الأخرى، تعلمت منهم كثيراً وعرفت بعيداً عن صفحات الجرائد وشاشات الإعلام، كيف يكون الكبار وكيف بنوا هذه المكانة وكل تلك المعارف والخبرات، التي جعلت منهم رموزاً حقيقية لصحافة وإعلام وطننا العربي الكبير.

وطوال تلك السنوات تمتعت الجائزة برعاية كريمة ومتواصلة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مما أكسبها، مزيداً من السمعة الناصعة، ومجالاً أوسع للانتشار، وحرفية أكثر في تنظيم عملها والمنتدى السنوي الذي يعقد وتوزع فيه جوائز الفئات المختلفة من الأعمال الصحافية والإعلامية.

وقد عايشت طوال هذا العقد من الزمن، كيف يعمل فريق الجائزة المكون من شابات وشبان شديدي المهارة والمثابرة، بقيادة متمكنة وذات خبرة كبيرة، وهي الأستاذة منى غانم المري نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، رئيسة نادي دبي للصحافة.

والتي هي بحق سر نجاح إدارة الجائزة طوال تلك السنوات بما لها من قدرات متميزة سواء في الإعلام أم الإدارة، فضلاً عن شبكة علاقات كثيفة للغاية وطيبة مع كل من لهم صلة بالصحافة والإعلام في دولنا العربية، أفراداً أكانوا أم مؤسسات وهيئات.

والحقيقة أن تجمع كل تلك العناصر، من رعاية كريمة، ورموز كبار للصحافة والإعلام، وإدارة دؤوبة ومتمكنة، تمكنت جائزة دبي للصحافة ثم للإعلام، أن تظل الجائزة الأولى من نوعها عربياً، وهو ما يجذب لها سنوياً آلافاً من المشاركين بأعمالهم في مختلف فئاتها من كل الدول العربية تقريباً.

وأضحى من يحصل على هذه الجائزة في أي فئة، لا يحصل فقط على هذا التكريم، بل وينظر إليه في الأوساط الصحافية والإعلامية في بلده وخارجها، باعتباره واحداً من المتميزين والمجيدين في مهنته.

ومنذ عامين، كان ضرورياً بعد نجاح الجائزة على مدار أكثر من عقدين من الزمان، في ترك بصمة واضحة في سجل الصحافة العربية بمئات من الأعمال المميزة التي نجحت في الوصول إلى منصة التكريم في إحدى فئاتها، أن تكون هناك صياغة جديدة للجائزة تراعي كل ما طرأ من متغيرات جديدة في مجالي الصحافة والإعلام.

من هنا، فقد تحولت الجائزة إلى «جائزة الإعلام العربي»، لتشمل الأنماط الجديدة في هذين المجالين، بمواكبة واعية لما طرأ على كل منهما من مستجدات أحدثتها ثورة تقنية هائلة، بدلت العديد من المفاهيم والمعايير، وجلبت تطورات متلاحقة وسريعة تشكل ملامح عالم جديد.

وقد بنيت هذه السمعة الناصعة لجائزة الصحافة العربية ثم الإعلام، على أسس راسخة من المهنية والموضوعية والحياد التام في معايير الترشح لنيلها في مختلف فئاتها، وفي طرق التحكيم بين المتنافسين لاختيار أحدهم.

وأشهد طوال تلك السنوات التي تشرفت خلالها بوجودي بمجلس إدارة الجائزة، أنها لم تحد ولا مرة واحدة عن هذه المعايير الصارمة وطرق التحكيم المهنية عالية الاحتراف، وهو ما كانت مناقشات مجلس الإدارة لاعتمادها شاهداً حياً عليه، بالإضافة إلى الاختيارات الصائبة لمحكمي جوائزها في الفئات كلها، مما جعلها مثالاً حقيقياً للنزاهة والشفافية والاحترافية.

لقد استطاعت جائزة دبي للصحافة ثم للإعلام، لأكثر من عقدين من تاريخها الثري بالإنجازات، أن تحقق أمرين مهمين. الأول، أن تعيد الاعتبار لفكرة العروبة، فهي تشمل كل عربي يعمل بالصحافة والإعلام بلغة الضاد من أي بلد كان، فعادت الصحافة والإعلام ليجمعا العاملين بهما من كل دول وطننا الكبير، بعد أن تفرقت بين كثير منهم السبل وبعدت المسافات.

ويكتمل هذا المعنى بالانعقاد السنوي لمنتدى الإعلام العربي الذي ينظمه ناي دبي للصحافة، والذي عقد اليومين الماضيين بمشاركة نحو 3000 من الوزراء ورموز الإعلام والصحافة والمنصات الرقمية العرب، ونخبة من كبار الكتاب والمفكرين وقادة الرأي في المنطقة والعالم.

أما الأمر الثاني، فهو أن الجائزة قد تحولت إلى محرك دفع رئيسي للتميز الإعلامي والصحافي العربي، وهو ما يساهم من دون شك في تطوير وتقدم مجالي الإعلام والصحافة في بلدان وطننا الكبير مسافات واسعة للأمام.

* باحث وكاتب والرئيس الفخري لاتحاد الصحفيين العرب