كثير منا يعتقد أن البرَّ قد حُصر في المبلغ المادي الذي يعطيه لأبويه، يعتقد أن مكالمة في الأسبوع قد تكون كافية وتجعل منه باراً بوالديه.. أن يزورهم يوم الجمعة لهو أمر كافٍ.
لكن ما البر في الأساس؟
عندما أبحث عن معاني الكلمات، أحب دائماً أن أرجع الكلمة إلى أصلها حيث تنتمي.
لو قلبنا المعاني في صفحات المعاجم فسنجد أن «برَّ والِدَيْه» معناها: توسَّع في الإحسان إليهما ووصلَهما ورفق بهما وأحسن معاملتهما، عكس عقَّ.
إذن تلك الكلمة التي تحتوي على حرفين فقط عظيمة بمعانيها،
وإلا ما وردت في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، تأمّل وتفكّر في قوله تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).
السؤال: كيف نصنف أفعالنا على أنها بر؟ ماذا عن كلماتنا؟
لمَ نخاف أفعالنا ولا نهتم بأقوالنا؟ أليس الذي يسجل الفعل سيسجل الكلام؟
لأخبرك أمراً، هل كنت تعلم أن من البر أن تخفي حزنك عن والديك؟ هل تعلم أن من البر أن لا تجعل همك على عاتقهما؟
لا تخبر والديك عن ديونك، ولا مشكلاتك، أو حتى حزنك.
من البر أن لا تترك أبناءك عند والديك وتسافر لقضاء إجازة.
من البر أن لا تدع طفلك الصغير عند والديك لتذهب إلى العمل،
آباؤنا كبروا وما باتوا بالقوة نفسها، هم في عمر يحتاجون إلى الراحة،
أن تخدمهم أنت، وليس العكس، انتهى وقتهم معك ومع أبنائك، هم لا يحتملون إزعاج الصغار، ولا انتثار كوب الزجاج في المطبخ،
مطلبهم أن ينعموا بهدوء وراحة بال، أن تكون آخر مراحل عمرهم نعيماً، أن تمر بسلام داخلي حتى يفارقوا الحياة، تفكّر جيداً كيف تريد أن تمر آخر أيام عمرك، وامنحهم المثل، وتذكّر أن هناك من يبيع الدنيا مقابل ساعة لقاء.