كان ينعم أحد الموظفين بوظيفة مرموقة جداً في إحدى المؤسسات المعروفة، التي ذاع صيتها في المجال التقني، ولكن شاءت الأقدار أن تتدهور الأوضاع، وتفقد المؤسسة بريقها، لذا تضطر المؤسسة إلى أن تتخلى عن أكبر عدد من الموظفين، ومن بينهم ذلك الموظف، الذي شعر حينها بالانزعاج، وخيبة الأمل، لأن هذا هو مصدر دخله الوحيد، ولكن يحدث ما لم يكن متوقعاً، ففي أحد الأيام يقترح عليه أحد أقربائه العمل معه في تجارة بإمكانها زيادة مصدر دخلهم، وبالتالي تقلل من الاعتماد الكلي على الوظيفة التقليدية، التي تجعله أسيراً لها لحاجته المطلقة للراتب الشهري.

أعطاه مبدئياً مبلغاً ضخماً مقابل العمل بتلك التجارة معه، وتم الاتفاق بأنه سيتم مقاسمة أرباح التجارة بشكل دوري، ولكن ما إن انطلق للعمل مع قريبه مستخدماً تلك الأموال لفترة بسيطة حتى يعلن خسارته الفادحة، فتتلاشى الأموال، وتذهب جميعها أدراج الرياح في لمح البصر. يا لها من حقيقة مرة، وخيبة أمل كبيرة، يا ترى كيف ستكون ردة فعل قريبه جراء هذه الخسارة، هل سيتخلى عنه ويرحل؟

حين علم قريبه بما حدث، وشعر بمدى خوف الرجل واستيائه، أخبره مباشرة: «إن كنت تعتقد بأني سأرحل، وأقطع علاقتي بك بسبب هذا الموقف فأنت مخطئ». لم ينزعج قريبه، لأنه يعلم علم اليقين أن في كل تجارة هناك ربحاً وخسارة، لذا لا بأس بذلك إن كان يشكل الدرس الذهبي والعبرة، التي تحصنهم، وتمكنهم من تجنب تيارات الفشل المستقبلية، وباشر حديثه مؤكداً أنه لا يحتاج للأقرباء والأصدقاء في وقت المصلحة فقط، فهي علاقات صلبة وراسخة، لا تتحكم بها الظروف والمواقف.

إذاً الحياة- بلا شك- ليست دائماً وردية، فهي قد تخبئ لك بعض الصدمات والمفاجآت غير المتوقعة، لذا كن مستعداً لأي ظرف، ولا تتصيد الزلات في الماء العكر، وتتربص خسائر الآخرين لكي ترحل مباشرة.