مهاترات على السوشل ميديا

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما زال البعض يعتقد بأن مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للصراع اللفظي والتهجم على الآخرين، من خلال صفحات مجهولة، ينجر خلفها العاقل أحياناً، وغير العاقل بالتأكيد، حيث تتداخل الكثير من المسائل والقضايا التي لا يجوز الخوض بها أحياناً، حتى أصبحت بعض المجتمعات تتخذ الثرثار منهم عالماً، يحلُ ويربط في جميع القضايا التخصصية، ليس لكثرة معلوماته، وإنما لثرثرته الزائدة. المتابع المتمعن لشبكات التواصل الاجتماعي الزاخرة بالسم المدسوس، والأرض الملغمة، يدرك مدى خطورة الأمر المحدق بالمجتمع بجميع أطيافه، وخاصة ذلك الذي يستهدف شرائح محددة منه، وفي صدارتهم المراهقون، من قِبل من يدّعون المعرفة، بينما يحجم الذين يمتلكون لجام المعرفة والعلم عن التدخل لإسكاتهم، بحيث أصبحنا اليوم أمام سيل جارف ومؤذٍ، يجب أن يتصدى له عقلاء المجتمع، الذين يعون بماذا يتحدثون، ويستشعرون خطورة تصديق المعلومات والأفكار التي تخرب الأوطان. 

«الشبكة السوداء»، هو أقرب وصف لما يحدث عندما يختفي نور العقل والحكمة، وما يجب علينا فهمه، هو دور هذه المنصات في اختلاق القصص الكاذبة، والمعلومات التي لا تستند لوقائع حقيقية، بل تجمع بين الكذب الصريح والتحريف والتضخيم، بهدف إيصال المعلومات بشكل محرف، أو خارج إطار السياق الصحيح لها، لضرب وتشويه وعي الناس، ما يثير الرأي العام، ويدمر المواقف الثابتة، وخاصة عندما تبدأ العمليات التحليلية الفطرية لدى كل فرد من المجتمع، ويبدأ سباق من يرد أولاً ليكون المنتصر ضد المجهول.

ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار هنا أن الاختلاف والتضاد في الواقعة الحقيقية، يستهدف التشويش وتأسيس واقع وقناعات لدى الرأي العام لا تمت للحقيقة بصلة، من خلال العبث المباشر بمشاعر المجتمع بلا منطق، ويتزامن ذلك مع انطلاق الشتائم من شتى الأطراف، في غياب الحجج العقلانية، وهذا بالضبط ما يستهدفه دعاة الفتنة، التمكن من صياغة الرسائل والأحداث بشكل زائف، ونشر محتوى إعلامي مضلل، يحتوي ذرة من الجرعة المعرفية الحقيقية، ليقابله جرعة جاهلة ترد بلا وعي استدراكي، حتى تتضخم ثغرة في الساحة الاجتماعية بعيدة عن الحقيقة، وتصبح مدخلاً لإنتاج ونشر الأكاذيب والشائعات والتضليل.

Email