تميز الحكومة يعتمد على تميز مؤسساتها، لذلك ينبغي على المؤسسات الحكومية أن تجتهد في حوكمة سياسات عملها، وضبط ما تشتمل عليه من وظائف وعمليات وإجراءات؛ وصولاً إلى تقديم خدماتها إلى جمهور المتعاملين بأعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية. هذ الأمر يوجب على تلك المؤسسات دراسة احتياجات المتعاملين، وتحديد اتجاهات رغباتهم، والعمل على تلبيتها؛ من أجل زرع مشاعر الرضا والسعادة في قلوب المتأثرين بها، والمستفيدين من خدماتها.  

تأسيساً على ما سبق، يمكن القول بأنه من حق الجمهور على المؤسسات الحكومية، أن تقوم تلك المؤسسات بتقديم خدمة حكومية مميزة، تراعي فيها معايير الجودة العالمية. في هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي ،رعاه الله: «الخدمة الحكومية المميزة في دولة الإمارات هي حق من حقوق الناس لن نتساهل فيه، والتفاعل مع الجمهور بطريقة إيجابية عبر قنوات الخدمة هو واجب أساسي على كل مسؤول حكومي». جاء ذلك أثناء إعلان سموه عن نتائج نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات لعام 2023، التي شملت الدورة الخامسة لتقييم مراكز الخدمة، والدورة الثانية لتقييم مراكز الاتصال والقنوات الرقمية في حكومة الإمارات، وشملت 124 قناة خدمة حكومية توزعت على مراكز الخدمة والمواقع الإلكترونية، والتطبيقات الذكية، ومراكز الاتصال التابعة لـ 25 وزارة وجهة حكومية اتحادية.

نقلة نوعية

لقد حرصت حكومة دولة الإمارات على ترجمة اهتمامها بالمتعاملين في الواقع العملي، من خلال إطلاق نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات عام 2011، بهدف إعادة صياغة مفهوم تقديم الخدمات الحكومية في شتى أرجاء الدولة بالجودة ذاتها. ويستهدف النظام تحقيق نقلة نوعية في كفاءة الخدمات الحكومية؛ من خلال توفير الخدمة، وتعدد قنواتها، وسرعة إنجازها؛ لضمان تجربة مريحة لجميع المستفيدين من الخدمات الحكومية، إضافةً إلى تسهيل الإجراءات، وتحقيق التميز في إنجاز معاملات الجمهور. 

توزعت قنوات الخدمة الـ 124 التي تم تقييمها على أيدي خبراء إماراتيين في نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات، على 61 مركز خدمة، و25 موقعاً إلكترونياً، و18 تطبيقاً ذكياً، و20 مركز اتصال. علماً بأنه تم تطوير النظام عام 2019، ليشمل معايير جديدة بحيث يغطي مراكز الاتصال، والمواقع الإلكترونية، والتطبيقات الذكية، ومراكز الخدمات.

ثقافة الامتياز

الحديث عن التميز الحكومي لا يكتمل إلى بالإشارة إلى ثقافة الامتياز. في هذا الشأن يطرح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، في الفصل الثاني عشر، الموسوم: مأسسة الامتياز، مجموعة من الأفكار العملية، والتصوّرات العميقة، سوف نعمد إلى توضيحها من خلال الفقرات الآتية: 

لا بدّ من مؤسسات لمراقبة الجودة وتحديد المواصفات والتقييم لكن أضمن طريقة لمأسسة الامتياز هي مأسسته في المجتمع. لابدّ من دراسة تجارب الجودة وأرشفتها وتعميمها وحفظها لكن أضمن طريقة للمحافظة على الامتياز هي حفظه داخل اللاوعي في المجتمع.

أضمن طريقة لإدامة الامتياز أن يعتاد الناس عليه ويصبح جزءاً من السلوك والتفكير في التجارة والصناعة والزراعة وفي البيت والعمل والمدرسة وأماكن الترفيه وكل شيء آخر، أي أن يرتبط الامتياز بحياتهم وأن يُقابل كل ما هو دون ذلك بالرفض.

إذا أصبح الامتياز امتداداً طبيعياً للتكوين النفسي للناس فإن العلاقة السابقة مع اللا امتياز ستنقطع وستصبح العودة إلى المقاييس والمعايير والتطلعات القديمة مثالاً على التخلف والارتداد. إذا أردنا الامتياز أن يورق وينمو ويثمر يجب ان نزرعه في عقول الناس.

الطريقة الأفضل حتى من هذه والأكثر ضماناً وديمومة هي ربط الامتياز بمصالح الناس وبمستقبلهم وأدائهم ومكانتهم في المجتمع. لن نستطيع إيقاف السباق الكبير نحو الامتياز لذا يجب أن ننخرط فيه فإذا انخرطنا فيه يجب أن نستثمر فيه الجهد والوقت والأدوات، وستكون للجميع مصلحة كبيرة ودائمة في المحافظة على استثماراتهم.

«موديز» تتوقع تواصل الأداء القوي لعقارات الإمارات 
https://www.albayan.ae/economy/uae/2023-11-21-1.4768009