على الرغم من النجاح الذي حققته دولة الإمارات في استضافة الحدث العالمي «كوب 28»، والتحرك الدبلوماسي والبيئي الذي يجري على أرضها حتى هذه اللحظة، إلا أن الإمارات لم تنس قضايا العالم الإنسانية، ولا واجبها الإنساني تجاه قضايا الحق والعدل.

فمنذ أن وقعت دولة الإمارات في العام 2019 وثيقة الأخوة الإنسانية، والتي كان من أهدافها الوقوف إلى جانب الحق ونصرة المظلوم وحق الشعوب في العيش الكريم المشترك وصون حقوقها الإنسانية، وهي تقف إلى جانب المظلوم، وتعمل على نصرة الحق وإشاعة العدل والحفاظ على كرامة الإنسان وإشاعة السلام في العالم.

وقد أثبتت مجريات الأحداث في فلسطين منذ 7 أكتوبر وحتى الوقت الراهن، أن دولة الإمارات تقف وقفة تعكس إيمانها التام بكل ما تضمنته تلك الوثيقة من مبادئ وأهداف، وكل ما تعتنقه الإمارات من قيم نبيلة تعكس قيم الأخوة الإنسانية. وعلى الرغم من تحرك العالم أجمع رفضاً للعنف الذي شهدته الأراضي المحتلة، إلا أن أنظار العالم أيضاً كانت موجهة لذلك الموقف الموحد الذي شهده العالم العربي.

فما شد انتباه العالم هو التحرك العربي المشترك الذي أثبت أن العروبة والنخوة العربية هي حية في الصدور ويقظة في الضمائر. فقد أدركت الدول العربية أن عليها اتخاذ موقف مشترك يعبر ليس فقط عن روح العروبة، بل وعن العقيدة الإسلامية التي تقول «لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».

فقوافل المساعدات الإنسانية العربية التي دخلت إلى غزة هي تعبير ليس فقط عن روح التضامن مع الأشقاء الفلسطينيين، بل عن روح التضامن العربي. وفي إطار عملية الفارس الشهم تم افتتاح المستشفى الميداني الإماراتي الذي فتح أبوابه في غزة للمصابين من الأشقاء الفلسطينيين في هذه الحرب هي إشارة أخرى ترسلها دولة الإمارات إلى كل الضمائر الحرة والقلوب الإنسانية.

لقد أرسلت الأحداث الأخيرة عدة رسائل مهمة ليس فقط للعرب والمسلمين، بل لكل العالم، الأولى: بأن النزاع والعنف يساهم في التفرقة، ويؤدي إلى الضعف وتفكك الأواصر بين الدول ومجتمعات العالم، ويصرفها عن تنمية العلاقات الإنسانية واحتياجاتها.

والثانية: إن الدماء التي سالت في فلسطين لم تصدم فقط الشعوب العربية، بل صدمت شعوب العالم كافة الرافضة لكل أشكال العنف والتمييز العرقي. فوثيقة الأخوة الإنسانية توجب على شعوب العالم الترفع عن الحزازات، وتوجب السير في طريق الوحدة واحترام الحقوق الإنسانية.

الثالثة: لقد قررت شعوب العالم المحبة للسلام أن الوقت قد حان لتحقيق السلام وجمع الكلمة واتخاذ موقف موحد يعبر عن الأخوة الإنسانية، وبالتالي عبرت جميع شعوب العالم المحبة للسلام عن رغبتها في إيقاف تلك الحرب المدمرة والدفع نحو تحقيق الأمن والاستقرار.

الرابعة: موقف دولة الإمارات من الأطفال والمرضى الفلسطينيين، والذين تم استقبالهم في مستشفيات الدولة تنفيذاً لأوامر صاحب السمو رئيس الدولة، يدل على عمق أواصر الأخوة الإنسانية من خلال تقديم العون للأشقاء الفلسطينيين وإحضارهم للعلاج في مستشفيات الدولة.

لقد أحيت الأحداث الأخيرة الأخوة الإنسانية بين جميع الشعوب المحبة للسلام وذات الضمير الحي التي عبرت عن رأيها بكل حرية وصراحة. فمن شعوب آسيا إلى الشعوب في أوروبا ومختلف دول العالم ظهر صوت ضد التطرف والعنف والعودة إلى مناقشة الأمور بكل عقلانية وبعيداً عن العنف وإزهاق أرواح المدنيين.

إن وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات لم تكن وثيقة سياسية أو دينية عادية، بل هي ميثاق شرف يؤمن للناس كافة العدالة والحقوق الإنسانية وصون الكرامة البشرية. لقد كان تعامل الإمارات مع الأحداث الأخيرة تعاملاً راقياً يعكس حب دولة الإمارات للخير وصون الكرامة الإنسانية دون منة أو شروط.

هذه هي دولة الإمارات التي تعاملت خلال نصف قرن من تاريخها مع قضايا العالم بكل مصداقية وعقلانية وحب للسلام وبعث الاستقرار، فهي بذلك إنما تكون وفية لإرث الآباء المؤسسين.