الضمير في حياتنا

تعني كلمة «ضمير» ـ وَفقاً لـ«مُعجم المعاني الجامع»: استعداداً نفسيّاً لإِدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأَقوال والأَفكار، والتفرقة بينها، واستحسان الحَسن واستقباح القبيح منها، ويُقصد بـ«الضَّمير المِهنيّ» ما يُبديه الإنسان من استقامة وعناية وحرص ودقة في قيامه بواجبات مهنته.

ويعبّر الفلاسفة عن أن الضمير ينشأ ويُبنى عبر وضع الإنسان في المجتمع وما يمر به من ظروف في نشأته وبيئته، ويرى علماء النفس في الضمير أنه جهاز نفسيّ داخل الإنسان يتأثر بتقييم الفرد لنفسه أو تقييمات الآخرين له؛ ويكون هٰذا التقييم للشخصية كلها لا لجانب منها.

ومن أجمل ما كتب عن معنى كلمة الضمير أنه ليس مجرَّد رأيٍ أو وجهة نظرٍ، بل شعور إنساني باطني يجعل المرء يُراقب سلوكه ويتحكّم فيه. وعليه، فهو نبض الحياة، وحين يتوقف نبض الإنسان عن الخفقان، يُفارق الحياة الجسدية؛ وكذلك حين يتوقف الضمير الحيّ عن العمل، تزول القيم والأخلاق والمبادئ داخل ذاك الجسد.

ويتأثر ضمير كل إنسان بدرجة عقله وعلمه، فكلما زاد علم الإنسان ونما عقله ارتقى ضميره، ذلك أن الخبرة والتجربة ومعرفته بنتائج الأشياء النافعة والضارة بمنزلة خريطة الطريق لتقييم الخطأ والصواب في الحياة، وكما قيل فالإنسان عدو ما يجهله. 

والإيمان يصنع الضمير اليقظ فكلما قوِي الإيمان، ازدادت حساسية الفرد تجاه الوقوع أو مجرد الاقتراب من الشبهات والمحظورات، والعكس صحيح، فكلما ضَعُف الإيمان نقصت تلك الحساسية، ولذا فإن تربية الضمير وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيهما سعادة الأفراد والمجتمعات ولهما أثرهما الإيجابي في تعزيز القيم الأخلاقية. 

وتوجد قوة في العالم تتنافس مع قوة الضمير، وضميرك سبب قوتك. الضمير الحي صلة الإنسان، وهو الذي يوجه دائماً إلى الطريق الصحيح والسليم. 

وقد تعترض أمام ما يأمر به الضمير عقبات وتحديات؛ فالإرادة القوية والتربية المستدامة للضمير تذللان هذه التحديات وتتغلبان عليها.

وكما عبر الكاتب الأمريكي جوش بيلينجز فإن «العقل غالباً ما يصنع الأخطاء، ولكن الضمير لا يخطئ» فالحفاظ على الضمير، ذو أهمية كبرى في حماية أنفسنا ومجتمعنا. 

 ومن هذا المنطلق أرجو تدريس وتوجيه وتدريب مادة الضمير في مدارسنا في المراحل الدراسية ومؤسساتنا الحكومية والخاصة كافة لكي نحظى بجيل يتميز بيقظة الضمير في جوانب الحياة كافة ومستعدّ للمستقبل، هذا بجانب تسليط الأضواء على نماذج القدوة الصالحة، سواء كانوا أفراداً أو فرق عمل، ممن يعمل بضمير وبإخلاص لخدمة المجتمع.