شكليات تقييم الأداء السنوي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه أنظار ملايين الموظفين حول العالم نحو لحظة لا يحبها البشر وهي موعد تقييم الأداء السنوي من قبل المسؤول المباشر.

وهناك طرق عدة لتقييم الأداء لكن أشهرها هو لب المشكلة. وهو عندما يقيم الموظفين شخص واحد. فإن كان منصفاً نجا العاملون من عواقب الظلم أو الفجور بالخصومة. أن يقيم مدير موظفاً عمل نحو 2000 ساعة سنوياً ليس بالأمر الهين.

فهناك من يعلق بذهنه الربع الأخير من العام وينسى محاسن جده واجتهاده. وهناك من تموج به عواطفه ومزاجه في يوم التقييم فيصدمهم بتقييم متدنٍ. وهناك من يحابي الجميع لأن أحداً لن يحاسبه أو ليظفر بمحبة الجميع.

الواقع أن التقييم في كثير من المنشآت الحكومية والخاصة يفتقر للموضوعية. لأن هناك نسبة مقبولة لمن يمكن أن تهبهم تقدير امتياز، ولابد أن يدفع شخص أو اثنان أو نحوهما ثمن تقاعسه الذي لا يتمحور حول أهداف جوهرية معلنة لم يتمكن من تحقيقها، بل حول قصور سطحية مرتبطة بحضوره وانصرافه.

ولذلك يتنامى حول العالم توجه نحو تقييم الموظفين من «جميع الاتجاهات» أو ما يسمى بـ360 درجة. روعة هذا النظام أن صوره عدة لكنه ينطلق من قاعدة أساسية وهي أنه من الإنصاف أن يدلي الجميع بدلوهم في تقييم الموظف. ويجب أن يعطي المسؤول المباشر النسبة الأكبر من الوزن النسبي للتقييم لاعتبارات بديهية وإلا افتقد لقوة السلطة.

ومن الحق للموظف في الجهات الخدمية، أن نأخذ برأي العملاء أو المراجعين الذين يتعاملون معه، عبر الاستفادة من البرمجيات وبياناتها. في المصارف هناك من يودعون ملايين ومئات الألوف حباً في تعامل فلان أو فلانة مقارنة بخدمات المنافسين.

ومن حق الموظف الذي يحسن التعامل مع أقرانه أن نسمع رأيهم فيه. باختصار التقييم من جميع الاتجاهات، يأتي من فوق (المسؤول المباشر)، والزملاء (أقران)، ومن هم أسفل السلم الإداري (المرؤوسين)، فضلاً عن الأطراف الخارجيين كالموردين وغيرهم.

وهناك أيضاً معايير تقييم أخرى تسمى إدارة الأداء بالأهداف MBO. ففي بعض المهن والوظائف يتطلب تحقيق أهداف محددة مرتبطة بالأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. فإذا ما تحققت وفق الجدول الزمني تقدمت المنشأة ككل نحو أهدافها.

ولذلك كلما كبرت الأهداف زاد فريق العمل الذي يعمل عليها، وارتبط تقييم مدير الإدارة بمدى تحقيق فريقه للنتائج المرجوة. وذلك حتى يصبح وسيلة ضغط عليهم.

ويمكن أن يكون التقييم خليطاً بين التقييم 360 درجة وبين إدارة الأداء بالأهداف.

مشكلة بعض الجهات أو المسؤولين أنهم لا يأخذون التقييم مأخذ الجد، ولذلك لا تجد أداءً يتحسن. ثم لا يمكنهم تحديد الاحتياجات التدريبية الحقيقية. فالهدف الأساسي من التقييم هو تقويم الأداء. ولذلك تسمي بعض الأدبيات job appraisal بتقويم الأداء باعتباره يرشد من يخضع له إلى سبل تحسين أدائه.

وإذا لم يتمكن أحد من دعمه داخلياً يكتب له مسؤوله المباشر الدورة التدريبية الأفضل. وهذا يجرنا لتحدٍ آخر وهو عدم اهتمام المؤسسة بالتدريب. فهناك بالفعل من يعتقد أن التدريب نوع من المكافأة أو التقدير.

قد يكون تقديراً إذا كانت دورة تدريبية مكلفة جداً يعبر الموظف البحار لأخذها في هارفرد أو أوكسفورد، غير أن الأصل في التدريب أن يكون ذا جودة عالية جداً. وإلا كان مضيعة للوقت، والأهم أننا لن نتمكن بسبب ضعفه من أن ننقل إلى الموظفين المهارات المطلوبة.

التدريب ينقل مهارة مهمة بعكس المحاضرات الدراسية التي تنقل معلومة. ولذلك هناك ارتباط وثيق بين ضعف نظام تقويم الأداء وبين التوصل إلى تدريب حقيقي مبني على ما يحتاجه الفرد بعيداً عن المحسوبية.

ويثمر نظام تقويم الأداء المهني، إذا ما قارن المسؤول أداء العام الحالي بالسابق، ونجح في تحديد ما يحتاجه من تقوية لنقاط ضعف أو تراخٍ في العام المقبل. ومن دون أخذ الموارد البشرية لتلك المخرجات مأخذ الجد فلن تجدي نفعاً كل جهود المدير المخلصة. كما أن حجم المؤسسة يحدد طبيعة التقييم الأمثل للعاملين لضمان عدالة التقييم.

طالما كان نظام تقويم الأداء السنوي شكلياً، فيصعب أن يتطور العاملون والقياديون والأسوأ ألا نتمكن من تحديد مكمن المشكلة لأن أحداً لم يعد يضع إصبعه على الجرح.

 

Email