البلاد المحروسة.. قراءة في أجندة دبي الاجتماعية

في ظلال الاحتفال بالذكرى الثامنة عشرة لتقلد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مقاليد الحكم في إمارة دبي في الرابع من يناير عام 2006م، أعلن صاحب السمو عن واحدة من أروع الأجندات الخاصة بمعشوقته من بين الأماكن «دبي الجميلة» وهي «الأجندة الاجتماعية لدبي» والتي سيكون لها أثر بالغ على مستقبل الأسرة والبنية الاجتماعية في هذه المدينة الزاهرة التي تسابق الزمن في سبيل تحقيق نموذج متقدم من نماذج الحياة الآمنة الكريمة التي تليق بشعب هذا الوطن كله، وبأهل دبي على وجه الخصوص.

وقبل الإعلان عن هذه الأجندة الخاصة بدبي، مهد صاحب السمو لهذا الحدث الكبير ببيتين من الشعر ألقاهما بصوته العذب الجميل حيث كان يلوح على نبرة صوته عمق التأثر والوفاء لدبي وأهلها ولكل هذا الوطن الحبيب حيث قال:

أنا على الوعد إنتو خبروني وين

                 ووعدي أنا هالبلاد تعيش محروسه

وأن أسكنه شعبي بين جفن وعين

                 وكل خطة بالأفكار والعلم مدروسه

بكل هذا الحب الذي يفيض رقة وعذوبة يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شعبه الوفي الذي أحبه وسعى في رفعة شأنه منذ أكثر من نصف قرن، فيقول لهم: إنه ما زال على الوعد الذي قطعه منذ أن تشرف بحمل مسؤولية البناء والإعمار، فهل ما زالوا هم على وعد الانخراط مع صاحب السمو في معركة الإعمار الكبرى التي يراها صاحب السمو المهمة الأولى في بلاد العرب أجمعين، وكم نادى وحذر من تضييع المقدرات والثروات والطاقات في غير معركة البناء والتطوير، فكان هذا النداء الصادر من أعماق القلب ليؤكد صاحب السمو على أن الوعد الذي التزم به تجاه الوطن وأهله هو أن تظل هذه البلاد محروسة من كل طامع، ومصونة عن كل عابث، ومهيوبة في كل عين، ثم يزداد رقة وعاطفة حين يؤكد على أن همه وغايته هي أن يسكن شعبه بين الجفن والعين في مكان عزيز يليق بشعب هذه البلاد الطيبة الأصيلة، ليختتم صاحب السمو هذين البيتين الرقيقين الجميلين بالتأكيد على أن جميع خطط الدولة قد تمت تحت نظر التخطيط الدقيق والفكر الصائب والمعرفة الصحيحة، الأمر الذي يضمن سلامة المسيرة التي ابتعدت منذ نشأة الدولة عن الارتجال والعشوائية في اتخاذ القرارات.

في موازاة هذه المقطوعة الشعرية المعبرة أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على مواقع التواصل الاجتماعي أجندة دبي الاجتماعية، حيث جاءت على شكل ثلاث فقرات مكثفة الدلالة للتعبير عن وضوح الرؤية وقوة العزيمة على تنفيذ هذه الخطة التي تستهدف تطوير الحياة الاجتماعية في دبي، حيث قال صاحب السمو: «نعلن اليوم عن إطلاق أجندة دبي الاجتماعية 33، وهي خطتنا لمجتمع دبي للعشر سنوات القادمة وميزانيتها 208 مليارات درهم خلال العشر سنوات المقبلة»، لتكون هذه الكلمات بشارة خير أطل بها صاحب السمو على شعبه الوفي بمناسبة ذكرى تقلده منصب حاكم دبي قبل ثمانية عشر عاماً شهدت فيها دبي نقلة مذهلة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية بحيث تحققت الرؤية القديمة لوالده طيب الذكرى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي خاطب صاحب السمو ذات يوم وقال له: «دبي يجب أن تكون وجهة عالمية» وعلى الرغم من تحقق كثير من ملامح هذه الرؤية في الفترة الماضية إلا أن وتيرتها تسارعت جداً في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحيث تجاوزت كل التوقعات، ويشير حجم الميزانية الضخمة المرصودة لأجندة دبي إلى روح البذل والاهتمام التي يوليها صاحب السمو للارتقاء بمستوى الحياة الاجتماعية لهذا الشعب الذي يستحق الرقي والازدهار.

ويتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الحديث عن المحتوى الاستثنائي لهذه الأجندة فيقول: «هدفنا مضاعفة عدد الأسر المواطنة إلى الضعف خلال عقد، وتوفير أحياء سكنية ذات أفضل معيشة لهم على مستوى العالم»، فالهدف واضح محدد هو تحقيق نمط مدروس من التوازن الديمغرافي، والزمن قد تم تأطيره، والمستقبل سيكون زاهراً حين تتم مضاعفة عدد الأسر المواطنة والتي ستستكن في نمط فريد من البناء السكني الذي يتمتع بمواصفات لا نظير لها في جميع دول العالم.

ويختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه الأجندة بقوله: «الأجندة الاجتماعية لها مستهدفات واضحة، وبرامج معتمدة، وميزانيات مخصصة، وسيتابعها أبنائي حمدان ومكتوم وأحمد وإخوانهم، وهم أحرص الناس على أسرة دبي الكبيرة التي نشأوا فيها وأحبوها، وتربطهم بها أواصر المحبة والمودة والدم» وتأكيداً على جميع ما سبق يعيد صاحب السمو التأكيد على أن هذه الأجندة قد تم إعدادها بعناية ومسؤولية، فجميع مفرداتها واضحة، وأهدافها في غاية التماسك فضلاً عن توفير الدعم المالي لهذه الأجندة المتميزة التي سيكون لها أكبر الأثر في الاستقرار الاجتماعي في إمارة دبي، والتي سيقوم على تنفيذها ومتابعتها جميع أبناء صاحب السمو يتقدمهم الثلاثة القادة سمو الشيوخ: حمدان ومكتوم وأحمد الذين يتحملون الكثير الكثير من المسؤوليات المباشرة، وتربطهم بدبي وأهلها أعمق أواصر الحب والوفاء والدم والتصميم على أن تظل دبي كما أرادها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ومن قبله والده طيب الذكرى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، أن تظل مدينة ذات معايير عالمية ينعم أهلها بنمط متفرد من العيش الكريم، وتظل منطلقة في مسيرتها الزاهرة التي جعلت منها مدينة يجتمع فيها العالم بين حين وحين.

الأكثر مشاركة