في خضم التطورات التكنولوجية، وكثرة المحتويات في العوالم الإفتراضية، وتزايد استخدام البرامج الاجتماعية، وفي ظل توسع الشبكة العنكبوتية، حتى بات باستطاعة الفرد الوصول لجميع المحتويات المرئية والمسموعة والمقروءة بكبسة زر رقمية، يجب علينا اختيار الجوانب الإيجابية، والحذر أشد الحذر من الجوانب السلبية، حتى نحافظ على القيم والعقلية الإنسانية من أن تتشرب السموم الفكرية والأخلاقية، ومن الجميل أن يحرص الجميع ويكونوا أصحاب مسؤولية للوقاية من الانحرافات القيمية والأخلاقية وصوناً للهوية الوطنية، ومن هنا أحببت أن أوجه خمس رسائل شبابية.
الرسالة الأولى: في ظل انتشار الأفكار وتباينها بين النافع والضار منها في برامج التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت بشكل عام، على الجميع لاسيما الشباب أن يكونوا على وعي عالٍ، وأن يحذروا من صناع المحتوى المشبوه ممن يبث الأيدلوجيات المتطرفة بكافة أشكالها ومستوياتها ونشر المفاهيم المغلوطة، وما أجمل أن يحرص الجميع على نفسه بفهم ما يجري حوله، والعمل على تحليل المحتويات الرقمية باستخدام الأفكار النقدية لكشف زيف أصحاب الأجندات المشؤومة، والشعارات الكاذبة، والآراء الملتوية السقيمة.
وما أجمل أن يتحلى الفرد في تعامله الرقمي على الوعي الفكري الذي يكتسب من خلاله الحصانة الذاتية، التي تعينه على التمييز بين الحق والباطل، والصالح من الطالح، من خلال استقاء المعارف الهادفة، وطلب العلوم النافعة، والحرص على المبادئ الأخلاقية والقيم الغالية المتمثلة بالوسطية والاعتدال والتمتع بالانضباطية، وجاء شرعنا الحنيف وأكد على حفظ الضرورات الـ5 ومنها العقل، وحفظ العقل ليس مقتصراً فقط على الوقاية من المخدرات والمسكرات؛ بل يتعدى ذلك ويجب حفظه كذلك من سموم الأفكار فقد تكون أخطر وأنكى.
الرسالة الثانية: ما أجمل أن يحرص الفرد على استخدام برامج التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي سليم، ويتخير في متابعته أصحاب المحتوى النافع ومن يبثون الرسائل الهادفة والإيجابية، الذين يغرسون في النفوس محبة الوطن وطاعة ولي الأمر، ويحذرون من سلوك طريق المتطرفين، الذين يزعزعون أمن الأوطان واستقرارها بنشر الغث الفكري وتوظيف المصطلحات بغير محلها، ومن الفطنة والرجاحة العقلية أن يحرص صانع المحتوى على نشر الخير والأخلاق وغرس القيم والمبادئ، والمحافظة على هوية وطنه وسمعة أهله، فاحرص على نفع المتابعين.
الرسالة الثالثة: لا بد أن يعي من يسمي نفسه «مشهور السوشيال ميديا» مسؤوليته المجتمعية، وأن هناك الكثير من الأطفال والمراهقين والشباب قد يتابعونه من غير وعي وقلة إدراك، فحري به أن يراجع نفسه وينظر في محتواه حتى لا يكون سبباً في انحرافاتهم السلوكية والأخلاقية، وهناك آخرون مبدعون في محتواهم نافعون لمجتمعهم، ناشرون للخير ولهم تأثير إيجابي كبير، فبمثلهم يستفيد شبابنا ويرتقي، وأحث كل من له محتوى أن يسعى بأن يكون إيجابياً ويراقب الله تعالى في ذلك ولا ينشر إلا ما يرضيه سبحانه، لأن الإنسان سيفنى وستبقى أعماله، وعليه أن يكون حريصاً على سمعته وحريصاً على أبناء مجتمعه.
الرسالة الرابعة: أيها الأب الفاضل وأيتها الأم الفاضلة، أبناؤكم أمانة في أعناقكم، وأنتم الحاضنة الأولى للتربية والغرس، اعتنوا بأبنائكم، واحرصوا على متابعتهم وتفقدهم، ثقفوهم حول ما يجري في برامج التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي، وما يدور في الفضاء المفتوح «الإنترنت»، حذروهم من الغرباء والذئاب البشرية وصناع المحتوى الضار، والحرص على متابعة أصحاب المحتوى الإيجابي الواعي، وافتحوا معهم الحوارات وخصصوا لهم أوقاتاً لذلك، وإياكم التعذر بكثرة الانشغالات، فإن ذلك قد تكون نتائجه عكسية، اغرسوا فيهم حب الوطن والقيادة الحكيمة والتحلي بالأخلاق والقيم حتى تكون لهم حصانة من الانحرافات والانجرافات.
الرسالة الخامسة: من الجميل أن يصنع الإنسان لنفسه سمعة طيبة ويبني شخصية مميزة في برامج التواصل الاجتماعي وفي استخدامه للإنترنت والمواقع؛ لا بد أن نكون متميزين بأخلاقنا وسلوكنا، محافظين من خلالها على قيمنا ومبادئنا، واعين ومدركين لمسؤولياتنا وواجباتنا تجاه وطننا المبارك، بأن نكون خير ممثلين له، رادعين كل من تسول له نفسه بالافتراء عليه بالحجة والبرهان الساطع، حريصين على عدم نشر الإشاعات وتناقلها، ناشرين الإيجابية والكلمات الجميلة والمحتوى الطيب في المجتمع.
الوعي والمسؤولية متطلبات ضرورية في حياتنا الواقعية واستخداماتنا الافتراضية، وهي في غاية الأهمية، وواجب على الجميع أن يتحلها بهذه القيم السامية لاسيما في وقتنا الحاضر، والرهان الدائم على الوعي المجتمعي وشبابنا الطيب المثقف والمدرك لواجباته الوطنية وتحدياته المستقبلية.