تسهم القمة العالمية للحكومات منذ انطلاقها قبل نحو 11 عاماً في إثراء الحكومات بمخرجات إبداعية تستشرف المستقبل، بعد أن تحولت إلى ملتقى عالمي فريد من نوعه يساعد في صياغة رؤى موحدة للعبور إلى عالم أكثر أماناً وازدهاراً، فضلاً عن دورها الرئيسي في تلبية تطلعات الشعوب في الحياة الكريمة والمستقبل الأفضل.

ويمثل الجانب الصحي أولوية كبرى في جدول فعاليات القمة العالمية للحكومات، وهو ما يجعلها منصة مثالية لتبادل الخبرات ونقل التجارب العلمية الناجحة، وتطوير الأدوات الكفيلة بضمان جاهزية الحكومات واستجابتها السريعة لمواجهة التحديات والمتغيرات واستعدادها لتوفير أفضل خدمات الرعاية الصحية.

وتناقش القمة العالمية للحكومات في دورتها الحالية لعام 2024 محور التوسع الحضري وأولويات الصحة العالمية، باعتباره ركناً أساسياً في إنشاء مدن مستدامة، صحية وشاملة، إذ تستطيع الحكومات خلق بيئات حضرية تتميز بأنظمة تنقل مبتكرة، وسهلة الوصول، وذات تأثير فعال، من خلال تحديد المدن لتكون مراكز ديناميكية للنمو والابتكار المستدام، بالإضافة إلى دمج حلول التنقل المبتكرة واعتماد التصاميم الحضرية الجديدة، بما يسهم في الارتقاء بجودة حياة السكان، وتحويل المدن إلى مراكز مستقبلية للعيش والازدهار.

ويعد التوسع الحضري - بحسب منظمة الصحة العالمية - أحد أبرز الاتجاهات العالمية في القرن الحادي والعشرين التي أثرت تأثيراً كبيراً على الصحة، حيث يعيش أكثر من 55 % من سكان العالم في المناطق الحضرية وهي نسبة يتوقع أن ترتفع إلى 68 % بحلول عام 2050، ومع النظر إلى أن معظم النمو الحضري في المستقبل سيحدث في البلدان النامية، فإن العالم اليوم أمام فرصة فريدة لتوجيه التوسع الحضري على نحو يكفل حماية الصحة وتعزيزها.

وحرصت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام وإمارة دبي بشكل خاص على استشراف المستقبل في مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي في ظل الطفرة التي يشهدها بالتماشي مع أحدث ما توصل إليه الطب والعلم والمعرفة البشرية على المستوى العالمي، إلى جانب تقديم خدمات طبية ذكية ومتخصصة في مختلف إمارات الدولة وبطريقة عادلة، محققة معدلات وصول قياسية للمرضى، إلى جانب تهيئة النمو الحضاري ليكون في بيئة معيشية صحية وفقاً لأعلى المعايير العالمية.

كما حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز مكانتها كمنصة عالمية لصياغة مستقبل أكثر استدامة من خلال الاستفادة من التجارب العالمية لتشكيل واعتماد رؤية موحدة لمواجهة التحديات الصحية المستقبلية، في خطوة تعكس التقدير العالمي لدور الإمارات في بناء نظام صحي مرن ومستدام بيئياً.

ومما لا شك فيه أن قطاع الخدمات الصحية في دولة الإمارات شهد قفزات نوعية وإنجازات كبيرة، تتماشى مع التحديات الصحية المتجددة والمستجدات التي يشهدها، وذلك انطلاقاً من إدراكها المبكر بأهمية وضرورة توفير جميع الوسائل والإمكانات المتطورة في هذا القطاع الحيوي، مع توفير بيئة صحية مناسبة للجميع، حيث إن الإنسان هو هدف التنمية ومحورها الرئيسي، كي يتمكن من أداء مسؤولياته الوطنية، والإسهام بفعالية وكفاءة في مسيرة التنمية والتطوير.

ويعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات نمواً في دولة الإمارات بمعدلات تفوق 5 % سنوياً، مع تصدره المركز الأول عالمياً من حيث عدد المنشآت الصحية المعتمدة، بفضل تطبيق نظام صحي يستند إلى أعلى المعايير العالمية، بالإضافة إلى تطوير جاهزية النظام الصحي للتعامل مع الأوبئة والمخاطر الصحية، لتكون بذلك دولة الإمارات واحدة من أفضل دول العالم في جودة الرعاية الصحية.