يظهر الواقع الحالي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير هائل على سوق العمل في المستقبل، إذ سيسفر عن تغييرات جذرية في طبيعة الوظائف والصناعات. وتشير توقعات منتدى الاقتصاد العالمي في عام 2023 إلى أن ما يقرب من ربع الوظائف الحالية، أي حوالي 23% منها، ستشهد تحولات جوهرية خلال الـ 5 سنوات القادمة وفقاً لتقديرات أصحاب الأعمال. وهذه التغييرات لن تكون مقتصرة على الوظائف القائمة بل ستشمل أيضاً إنشاء وظائف جديدة.
ومن المتوقع أن يكون التحول التكنولوجي والذكاء الاصطناعي من بين أبرز العوامل التي ستساهم في إعادة تشكيل مستقبل الوظائف في عام 2027. وسيكون لهذا التحول دور كبير في ابتكار وتطوير وظائف جديدة، وبشكل خاص في مجالات مثل الهندسة الكهربائية والبرمجة والتصميم والتسويق الرقمي. وستكون هذه الوظائف تتطلب مهارات خاصة في التعامل مع التقنيات الحديثة والبرمجة والتحليل البياني.
وسيحتاج الأفراد إلى التأهيل والتدريب المستمر لتطوير المهارات اللازمة لمواجهة هذا التحول. وستشمل هذه المهارات القدرة على التعامل مع التعلم الآلي وتحليل البيانات والبرمجة، وسيكون التحصيل المستمر للمعرفة ومتابعة التطورات التقنية السريعة أموراً ضرورية للغاية.
وإلى جانب ذلك، ستؤثر التقنية على الصناعات المختلفة بطرق متعددة، بما في ذلك اللوجستيات والتجارة والرعاية الصحية. وستستفيد هذه الصناعات من الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات وتقديم خدمات أفضل.
ويمكن القول إن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور هام في تشكيل مستقبل الوظائف، وستتطلب هذه التحولات من الأفراد والمؤسسات الاستعداد والتكيف مع الوضع الجديد، وتطوير المهارات والموارد اللازمة للاستفادة من هذه التكنولوجيا ومواجهة التحديات القادمة.
ولابد الإشارة إلى التحديات التي يواجهها مستقبل الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي، ومنها ما يلي:
* فقدان بعض الوظائف التقليدية: يتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى استبدال العمل البسيط والروتيني بواسطة الآلات والأتمتة، مما يمكن أن يتسبب في فقدان بعض الوظائف التقليدية في القطاعات مثل التصنيع والخدمات البسيطة.
* زيادة الطلب على مهارات جديدة: ستتطلب وظائف مستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي مهارات جديدة مثل التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والبرمجة والتحليل البياني، مما يشكل تحدياً للأفراد الذين قد يحتاجون إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم.
* توجهات في التوظيف: قد يؤدي توجه الشركات إلى توظيف الروبوتات والبرامج الذكية إلى تحديات في سوق العمل، حيث يمكن أن يكون هناك منافسة أكبر بين البشر والأتمتة في بعض القطاعات.
* تحديات أمن المعلومات: مع تزايد استخدام التكنولوجيا في مجالات متعددة، تزداد التهديدات الأمنية وحاجة الشركات إلى الاستثمار في حماية البيانات والمعلومات.
* التوجه نحو الاقتصاد الأخضر: يمكن أن تؤدي التحولات في اتجاهات العمل والاقتصاد نحو الاستدامة والبيئة إلى إعادة توجيه الوظائف نحو قطاعات مختلفة وتحديات في تحقيق الاستدامة في مجالات العمل المختلفة.
* الخصوصية والأمان: مع تزايد استخدام البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ستكون هناك تحديات متزايدة فيما يتعلق بحماية الخصوصية وضمان الأمان السيبراني.
وفي هذا السياق، تتجه دولة الإمارات نحو تحقيق ريادة في مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي. وتعتبر الإمارات واحدة من الدول الرائدة في العالم في استخدام التكنولوجيا وتطوير الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنمية وتحسين الخدمات الحكومية والاقتصاد.
ومن المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية دور كبير في توفير وظائف جديدة في الإمارات، بما في ذلك وظائف في مجالات التطوير البرمجي والتصميم والبحث والتطوير. وستكون هناك أيضاً فرص لتحسين القطاعات الاقتصادية التقليدية مثل اللوجستيات والتجارة بفضل تطبيق التقنيات الحديثة.
وتشير التوجهات الإماراتية إلى تحقيق مستويات عالية من التميز في مجال التعليم وتطوير المهارات. وستكون البرامج التعليمية والتدريبية مخصصة لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة وتزويد الأفراد بالمهارات اللازمة للعمل في بيئة تمتاز بالذكاء الاصطناعي.
وفي الختام، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية سوف يكونا جزءاً لا غنى عنه من تشكيل مستقبل الوظائف في الإمارات وعلى مستوى العالم. وستكون هناك فرص جديدة للابتكار والتنمية الاقتصادية مع تحقيق التوجهات المستقبلية واستثمار تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي بشكل فعال.