قبل أسابيع كتبت عن زيارتي رفقة بعض الأخوة الأعزاء إلى منطقة الراس بديرة وتجولنا بالأسواق القديمة، حيث استذكرنا جانباً مهماً من تاريخ إمارة دبي، وقد تداول بعض الأخوة تلك الجولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبعد ذلك كانت لنا جولة أخرى زرنا خلالها أحد البيوت التاريخية بإمارة دبي (بيت عيال ناصر) في الحي المسمى باسمهم فريج عيال ناصر، والذين ينسبون إلى ناصر بن سالمين السويدي أحد رجالات طائفة السودان بالإمارات، وأحد الطواويش ورجال الغوص قديماً، حيث كان يمتلك عدداً من سفن الغوص يعمل عليها أعداد من الغاصة والبحرية والحشم والخدم لذا سمي الفريج باسمهم.
وكان بيتهم من البيوت الشهيرة. ولقد أحسنت عملاً إدارة المباني التاريخية ببلدية دبي عندما قامت بترميمه ليبقى علامة سياحية بارزة تدل على فنون العمارة التي امتازت بها الإمارة. لقد قامت البلدية بتعويض المالك الذي آلت إليه ملكية البيت قطعة أرض عوضاً عن مساحة البيت، بينما أبقت له مساحة الفناء، ولو احتفظت بها لكان خيراً، لأنه لو تم بناء هذه المساحة سيبقى البيت محاطاً ببنايات عالية دون وجود مساحة للمواقف. أما وقد تم ترميم البيت فقد يكون من المناسب الاستفادة منه، بأن يُخصص متحف للفنون الشعبية، حيث إن أقدم فرقة للفنون الشعبية في الإمارة هي فرقة عيال ناصر، حيث كان رجالهم واتباعهم يمارسون جميع الفنون.
وتحويل البيت إلى متحف يحفظ تراث هذه الفرقة الذي هو جزء من التراث الشعبي للدولة، حيث لا يزال بعض من رجالهم وأحفادهم يمارسون تلك الفنون. على أن يتم تجهيز المتحف بشاشات معدة لعروض الفنون بتقنية حديثة وشروح بلغات مختلفة وصالات لعرض الأدوات والمعدات المستعملة من طبول بأنواعها طبل الراس والتخامير والطوس والعصي و(الطيران) الدفوف، الخاصة بفن العيالة (الرزيف)، وتسجيلات للفن الذي شارف على الاندثار فن (الاه الله) والذي تتميز به الدولة وحدها، وكان من حقه التسجيل على قائمة التراث العالمي. وكذلك فن (المالد) وعدته من دفوف ومطارح وكذلك تسجيلات لإنشاد الفرقة بقيادة المرحوم الشيخ أحمد بن حافظ. إضافة إلى عدة فن (الليوا) وغيرها من الفنون. ويكون مقراً للفرقة، على أن تقوم الفرقة بتقديم عروض بداخل البيت أو أمام المدخل يومياً أو أسبوعياً أو في المناسبات.
وبهذا نكون حافظنا على البيت وعلى تراث الفنون الشعبية وأبقيناه حاضراً للأجيال.