الأرشيف الخاص.. ذاكرة وطنية تحتاج للتوثيق

إن للوثائق أهمية كبيرة وخاصة للباحثين والمهتمين في مجال البحث ورصد الوقائع، ولعل هذا الدافع وراء إنشاء الأرشيفات الوطنية ومدارس لدراسة الوثائق والأرشيف التي عملت على تخريج وإعداد وتأهيل المتخصصين في تنظيم ونشر هذه الوثائق حتى تكون في متناول المؤرخين الذين يقومون بإعادة صياغة التاريخ للدولة، وإبراز الحقائق التي لم تأخذ حقها في الكتب التقليدية، ويعتبر الأرشيف الخاص من المصادر المهمة وهو عبارة عن مجموع الوثائق المنتجة من قبل الأشخاص أو العائلات، أو حتى المنظمات غير العمومية.

إن ملكية تلك الوثائق أو المعلومات تعود إلى أفراد معينين أو مؤسسات خاصة، وهي لا تحمل صفة الرسمية كونها خارجة عن أملاك الدولة، وتعتبر من الأرشيفات المهمة التي تحتوي على محتوى ومعلومات ذات قيمة علمية وتاريخ هام، وعليه فإن هذا الأرشيف يعتبر بمثابة مرآة تعكس البعد التاريخي والاجتماعي، وربما الاقتصادي للعائلات التي عاشت في المجتمع في فترة معينة، ومصدر تاريخي ومكمل للأرشيف العام.

ويتعلق الأرشيف الخاص بجميع الوثائق الشخصية أو المهنية أو العلمية أو حتى الاجتماعية التي تكون بحوزة الأفراد أو العائـلات أو الجمعيات أو المؤسسات الخاصة، وترجع أهميتها كونها مصدراً مكملاً للوثائق التاريخية المملوكة في الأرشيف الوطني، وتحتاج إلى رصد وبحث وتواصل كبير مع أفراد المجتمع كونها ثروة قومية يمكنها في زيادة الرصيد الأرشيفي والحفاظ عليه واستدامة معرفته وإتاحته للباحثين. وبما أننا في دولة ذات تاريخ قديم وعريق، فإن بعض العائلات قد تمتلك هذه الوثائق المهمة التي تضيف بعداً تاريخياً وقومياً واجتماعياً يمكن دراسته والاستفادة منه في مجال البحث التاريخيّ. لذلك فإن هناك مراكز أرشيفية مهمة على مستوى الإمارات أهمها الأرشيف والمكتبة الوطنية الذي يهتم بجمع الوثائق وإتاحتها للباحثين عبر منصاته المختلفة، ولا يألو الأرشيف وغيره من المراكز الأرشيفية والبحثية جهداً بالقيام في جمع الأرشيف الخاص نظراً لأهميته وغناه بالمعلومات المهمة التي تتحدث عن فترات من تاريخ الدولة، وحتماً سوف تغطي هذه الوثائق الكثير من المراحل والمحطات التاريخية التي تهم المجتمع ؛ لذلك فمن الأهمية السعي نحو التواصل مع أفراد المجتمع للحصول على الوثائق الشخصية، والسعي إلى امتلاكها حفاظاً عليها من الضياع وفق منظومة واضحة تضمن استمرارية فائدتها وإتاحتها للمجتمع، كما نتطلع إلى تنظيم ملتقى عالمي يجمع ملاك المواد الأرشيفية الخاصة، لاستعراض المواد الأرشيفية ومراحل جمعها وطريقة حفظها.

 في عصرنا هذا تزايدت الأهمية للوثائق، وتطورت التقنيات الرقمية، وأصبح التدوين ضرورة ملحة لكل مجالات الحياة؛ لذلك نتطلع إلى الاهتمام بعلم الأرشيف، والحرص على اقتناء والاحتفاظ بالوثائق الخاصة لما لها من أهمية في حياة المجتمعات ورصد للتاريخ.