تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً اقتصادياً ملحوظاً، وتحولاً مهماً في سياساتها الاقتصادية عنوانه «الشراكات الاقتصادية الشاملة»، التي أسهمت في تعزيز دورها كمركز اقتصادي رئيس على المستويين الإقليمي والعالمي، وفتحت الطريق أمام الشركات الإماراتية في الأسواق الدولية، ورسخت مكانة الإمارات بوابة عالمية لتدفق تجارة السلع والخدمات، وشريكاً موثوقاً للاقتصاديات الكبرى حول العالم.
بالنظر إلى الأرقام، وقعت دولة الإمارات أكثر من 10 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع مختلف دول العالم، ووصلت المفاوضات لمراحل متقدمة من أجل إبرام اتفاقيات مماثلة مع العديد من الدول الأخرى. وبلغت تجارة الإمارات الخارجية غير النفطية من السلع والخدمات 3.5 تريليونات درهم في عام 2023، وهو رقم قياسي لأول مرة في تاريخ الدولة.
ومن المتوقع أن تزيد الأرقام خلال 2024 مع دخول المزيد من اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية حيز التنفيذ، وإبرام اتفاقيات جديدة. الأمر الذي سيقربنا أكثر من تحقيق مستهدفات دولة الإمارات في استقطاب 150 مليار دولار بحلول العام 2031، وأن تصبح ضمن الدول الـ 10 الأولى على مستوى العالم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على توفير الدعم للاستثمارات الإماراتية في الخارج من خلال توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي تسهم في تعزيز التبادل التجاري مع الدول الشريكة، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي وتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني.
وتزيد هذه الشراكات من جاذبية الإمارات كوجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعكس الثقة في البيئة الاقتصادية والقانونية للدولة، وتسهم في تعزيز القدرات الإنتاجية والابتكارية للقطاعات المختلفة، وعلى سبيل المثال، تمكنت شراكة الإمارات مع الصين والهند وغيرها من الدول في تعزيز تبادل التكنولوجيا في مجالات مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي.
أما على صعيد حضور الشركات الإماراتية في الأسواق العالمية، توفر اتفاقيات الشراكة الشاملة فرصاً وآفاقاً للنمو والمنافسة في أسواق جديدة، من خلال إيجاد بيئة تجارية مواتية تسهل الحركة التجارية وتقلل العوائق من خلال تخفيض الرسوم الجمركية أو إزالتها، وتبسيط الإجراءات وتوحيد القوانين والمعايير التجارية. وتسهم هذه الشراكات في تقليل التكاليف وزيادة فعالية العمليات التجارية، مما يجعل الشركات أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية.
بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، تعتبر الشراكات الاقتصادية الشاملة وسيلة فعالة لتعزيز القوة الناعمة للدول، من خلال تعميق التكامل الاقتصادي والثقافي، وتحقيق التعاون الدولي والتنمية المستدامة.
وتلعب هذه الشراكات دوراً حيوياً في بناء علاقات قوية بين الدول وتعزيز تأثيرها ونفوذها في الساحة الدولية. وعندما تتبوأ الإمارات موقعاً رائداً في عالم الأعمال والاستثمار، تنعكس هذه القوة إيجابياً على سمعتها وتأثيرها في المجتمع الدولي، مما يعزز مكانتها كقوة ناعمة تلعب دوراً مهماً في صياغة المشهد الدولي وتحقيق التوازن الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
وعند النظر إلى مكانة دبي الاقتصادية على سبيل المثال، تلعب الشراكات الاقتصادية الشاملة دوراً أساسياً في تعزيز هذه المكانة، وزيادة حضورها الدولي والعالمي، من خلال دعم التنمية المستدامة، وتعزيز التجارة الدولية، وتطوير الصناعات الحديثة.
كما تلعب الشراكات الاقتصادية دوراً حاسماً في تعزيز الابتكار وتطوير الصناعات الرئيسية في دبي، مثل الطيران، والسياحة، والتجارة، والمالية، علاوة على ذلك، تقدم الشراكات الاقتصادية الشاملة فرصاً لتبادل المعرفة والخبرات، وتعزيز القدرات البشرية، من خلال برامج التدريب والتطوير.
وتبرز الشراكات الاقتصادية كأداة فعالة في تعزيز الترابط الدولي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، وتحقيق الازدهار والاستقرار على المستوى العالمي. ومع تزايد التحديات الاقتصادية والسياسية على الصعيد الدولي، يصبح دور الشراكات الاقتصادية أكثر أهمية من أي وقت مضى في بناء عالم أكثر استدامة وتنمية وسلامة.
بفضل اتفاقياتها المتعددة وعلاقاتها الاقتصادية وشراكاتها المتنوعة، أصبحت دولة الإمارات مركزاً جاذباً للاستثمارات الدولية ومحوراً لتجارة السلع والخدمات. ومع استمرار تعزيز هذه الشراكات، تتطلع الإمارات إلى تحقيق مزيد من النجاح في جذب الاستثمارات وتعزيز دورها كقوة فاعلة عالمياً.
الرئيس التنفيذي لمجموعة المستشفى الأمريكي