تولي القيادة الرشيدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، اهتماماً كبيراً، كونها محركاً رئيساً للاقتصاد الوطني، فتتيح دولة الإمارات فرصاً لتنمية هذا القطاع الحيوي الذي يشغل دوراً أساسياً في مسيرة التنمية الاقتصادية، وتحقيق رؤية «نحن الإمارات 2031».
ويحتاج بناء علاقات استراتيجية ومتميزة بين الجهات الحكومية ورواد الأعمال أن يتم تمكينهم من الوصول إلى المناقصات والعقود التي تطرحها الجهات الاتحادية والشركات الوطنية في الدولة، وهنا يبرز دور وزارة المالية التي توفر مزايا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الوطنية لتشجيعها على المشاركة في المشتريات الاتحادية، فعملت على إصدار القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2023 في شأن المشتريات في الحكومة الاتحادية لتنظيم عمليات الشراء الاتحادية وتعزيزها، وتفعيل أنظمة المشتريات الرقمية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، وإضافة للجوانب القانونية، تقدم الوزارة حلولاً رقمية وأشكالاً متنوعة من خدمات الدعم التخصصي للمستخدمين في الجهات الاتحادية.
وقد تضاعف دور وزارة المالية في جميع المشتريات الاتحادية منذ سنة 2007، فزادت عمليات الشراء مع استحداث منصة المشتريات الرقمية في سنة 2021، التي تهدف إلى إحداث تغيير جذري في تجربة المشتريات للمؤسسات، ودمج أفضل الممارسات التكنولوجية في الممارسات التجارية، ليزداد إقبال جميع الجهات الاتحادية على المنصة التي سهلت آليات وعمليات الشراء عبر منظومة رقمية موحدة تربط الجهات الاتحادية بالموردين المسجلين في سجل الموردين الاتحادي، ولتتطور منصة المشتريات الرقمية بسرعة، وتتقلص الفترة اللازمة للشراء من 60 يوماً في المتوسط إلى 6 دقائق، وهو ما جعلها تلبي احتياجات مشتريات أكثر من 30 جهة اتحادية، وتعزز كفاءة الإنفاق الحكومي عبر عقد اتفاقات إطارية مع الموردين لضمان أفضل الأسعار، مع مراعاة جودة السلع والخدمات المقدمة، وهو ما أدى إلى مزيد من مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي سمحت وزارة المالية بمنح هامش تفضيلي لمن يحقق منها المصلحة العامة أو قيمة وطنية مضافة.
وتنبع أهمية منصة المشتريات الرقمية في كونها جزءاً من التوجهات الاستراتيجية التي تعبر عنها المشاريع التحولية الخمسة الكبرى لوزارة المالية، ومنها «استراتيجية التوريد للحكومة الاتحادية» المشروع الذي يهدف إلى رفد نمو الاقتصاد الوطني، وتعزيز جهود الحكومة الاتحادية لتوسعة وتنويع قاعدة الموردين ورفع جودة الخدمات والمنتجات للمشتريات الاتحادية وبأسعار تنافسية، وذلك عن طريق ضم فئات جديدة من الموردين إلى قاعدة التوريد في الحكومة الاتحادية.
وتسهم المنصة أيضاً في توفير مورد مالي مستدام لرواد الأعمال الإماراتيين بإتاحتها لهم للاشتراك في عمليات الشراء الاتحادية ثم توفير جزء كبير من احتياجاتهم في عالم الأعمال التنافسي، والتعرف إلى العروض والمناقصات والعقود الخاصة بالمشتريات الحكومية للجهات الاتحادية والشركات الوطنية، ليكون لديهم فرصة أكبر لاقتناصها، كما تساعدهم على فهم نظام تسجيل الموردين وما يجب اتباعه في أثناء التسجيل وتعبئة البيانات للمناقصات الحكومية، مع توعيتهم في عملية المنافسة في أثناء التقديم على المناقصات والعطاءات الحكومية، إضافة إلى حصولهم على أفضلية سعرية بنسبة 10% في المناقصات، ونسبة تقييم 25% للموردين الحاصلين على شهادة المحتوى الوطني في المناقصات، وإلزام الجهات الاتحادية إجراء عمليات الشراء مع الموردين الملتزمين بنسب التوطين (2%)، إضافة لتمكين رواد الأعمال الإماراتيين من المشاركة في مناقصات المشتريات الحكومية وتوسيع وإتاحة آليات تعزيز التعاون وبناء الشراكات مع الجهات الحكومية، وبما يخدم رؤية الإمارات في تمكين رواد الأعمال الإماراتيين والأخذ بيدهم لتجاوز التحديات والصعوبات التي تحول من دون المشاركة في عطاءات ومناقصات الجهات الحكومية في مختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، وبما يعزز إسهامهم في نمو الاقتصاد الوطني ودعم تنافسيته إقليمياً وعالمياً، ودعم توسعهم في الأسواق الخارجية لتساعد على النجاح والاستمرار.
وتدفع المنصة مسيرة نمو الاقتصاد الوطني، عبر دورها في توعية الجهات الحكومية الاتحادية والشركات الوطنية بأهمية المشتريات الحكومية ودعم فرص اشتراك أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الوطنية في المناقصات الحكومية، ثم ترسيخ وظيفة منصة المشتريات المتمثلة في تسهيل تواصل الجهات المانحة للعقود ورواد الأعمال، وللتعريف بالتحديات بين الطرفين والعمل على معالجتها، وتعزيز التواصل مع الجهات الاتحادية للاستفادة من عروض منتجاتها الخاصة بدعم المشتريات الحكومية.
وتعاونت وزارتا المالية والاقتصاد على إطلاق مؤشر «دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الوطنية عبر المشتريات الحكومية» لقياس مدى التزام الجهات الاتحادية بالنسبة التي خصصها القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014 في شأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والبالغة 10% من مجمل قيمة العقود والمناقصات لأعضاء البرنامج الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.