تأتي زيارة دولة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية كوريا الصديقة، وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، انطلاقاً من عمق العلاقات الاستراتيجية التاريخية الراسخة بين الإمارات وكل من الدولتين، وثقة رؤساء دول العالم بسموه، على ما يحمله من رسائل واضحة وصريحة على الساحتين الإقليمية والدولية. وبفضل القيادة الحكيمة لصاحب السمو رئيس الدولة أصبحت الإمارات ذات دور مهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط، واستمرار نهجها الثابت القائم على مد جسور الصداقة والتعاون مع الدول كافة، ولعب الدور الاقتصادي المهم في الشراكات الشاملة والاستراتيجية مع دول العالم. إن إرسال دعوات رؤساء دول العالم لسموه لزيارة بلدناهم، ما هي إلا استكمال لمسيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الاطلاع على العالم الآخر ونشر التعايش والسلام بين البشر ومشاركتهم في كل ما يبني العلاقات وتجسيداً للرؤى المشتركة في التنمية والازدهار.
وبالحديث عن زيارة صاحب السمو رئيس الدولة لجمهورية كوريا الصديقة نجد أن من نتائج نجاح بناء العلاقات بين البلدين الصديقين إطلاق الكثير من المبادرات الاستراتيجية ومنها تأسيس علاقات التعاون في التبادل الثقافي بينهما، وافتتاح المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، واستضافة مهرجان خاص بالثقافة الكورية، والذي أصبح حدثاً رئيسياً على أجندة الفعاليات السنوية التي تشهدها الدولة، وكذلك افتتاح فرع معهد «الملك سيجونغ» في إمارة الشارقة. انطلقت العلاقات التاريخية الثنائية بين جمهورية كوريا الجنوبية ودولة الإمارات منذ نحو 44 عاماً، حيث تعد الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بشراكة استراتيجية خاصة مع كوريا الجنوبية، وباتت هذه الشراكة تحمل فصلاً جديداً من التعاون بين البلدين في مجالات عدة تخطت العلاقات السياسية وشملت التعاون الاقتصادي، وفي قطاع الطاقة النووية السلمية، وقضايا المناخ والفضاء والأمن الغذائي، بالإضافة إلى الدفاع، والرعاية الصحية، والأمن السيبراني. وتميزت العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بقفزة نوعية، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية مع كوريا الجنوبية خلال العام الماضي 2023 حوالي 5.3 مليارات دولار، وتمثل نمواً بنسبة 12.5% مقارنة بعام 2022، وتلامس استثمارات كوريا المباشرة في الدولة حاجز الـ 2.2 مليار دولار، بالمقابل بلغت قيمة استثمارات الإمارات المباشرة في كوريا 578 مليون دولار بنهاية عام 2022.
وتعد الإمارات الشريك التجاري الثاني عربياً والـ 14 عالمياً لكوريا خلال 2023، حيث تستحوذ الدولة على نسبة 20 % من تجارة كوريا مع الدول العربية، فيما تعد كوريا الجنوبية الشريك التجاري الـ 10 لتجارة الإمارات غير النفطية مع دول آسيا غير العربية، وتحتل المرتبة الـ 30 عالمياً.
فيما أعلنت دولة الإمارات في يناير 2023 عن التزام أجهزتها الاستثمارية السيادية باستثمار مبلغ 30 مليار دولار في قطاعات استراتيجية في جمهورية كوريا تماشياً مع اتفاقية الشراكة الشاملة مما ساهم في توفير الطريق الجديد للمرحلة الجديدة من التعاون التجاري والاستثماري البناء والنمو الاقتصادي المشترك بين الدولتين الصديقتين.
وفي إطار آخر تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لجمهورية الصين الشعبية، لإبراز مدى عمق العلاقات الثنائية بين الإمارات والصين، والاحترام المتبادل الكبير بين البلدين والقيادتين والشعبين الصديقين وامتداد ذكرى مرور 40 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين. لقد شهدت العلاقات المزدهرة بين البلدين نمواً بشكل كبير في السنوات الماضية، ففي عام 2023، وصل حجم التجارة الثنائية بين دولة الإمارات والصين إلى 95 مليار دولار أمريكي، وفي الوقت ذاته يزدهر التعاون المشترك في المشاريع الكبرى بين البلدين في كل المجالات، بالإضافة لأهم المشاريع التعليمية الاستراتيجية لمشروع تعليم الصينية بـ200 مدرسة إماراتية، والذي أصبح أحد المشاريع العالمية لتعليم اللغة الصينية ونقل ثقافتها، فضلاً عن الآفاق الواسعة والعريضة التي تتيحها فرص تنمية الروابط والعلاقات المشتركة بينهما، بما يضمن المصالح المتبادلة والمكاسب المشتركة بين البلدين، وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري للصين في العالم العربي، حيث إن الاستثمارات في أهم القطاعات الرئيسية في التكنولوجيا، واستمرار هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة في نموها، والتطور المستمر، تعكس الالتزام المتبادل والإيجابي وواقع النمو الاقتصادي والتعاون العالمي بين البلدين.