تدرك دولة الإمارات أن بناء الشراكات الاقتصادية والسياسية المتنوعة هي قضية مهمة للدولة ولاستقرار المنطقة والعالم بأسره، فمنذ قيام دولة الإمارات قبل نصف قرن وهي ماضية في طريق شقته لنفسها ألا وهو بناء شراكات استراتيجية متنوعة في الشرق والغرب وعدم الاعتماد على شريك اقتصادي واحد أو حليف سياسي واحد.
وقد أثبتت التحولات التي مرت بها المنطقة والعالم في العقود الأخيرة أهمية هذا الخطوة وضرورة تنويع الشراكات الاقتصادية والسياسية لأهمية تلك الخطوة للأمن الوطني والعالمي.
وتعد دول شرق آسيا من الشركاء المهمين بالنسبة لدولة الإمارات اقتصادياً وتنموياً وثقافياً، فالصين وكوريا الجنوبية، مثلاً، تمتلكان اقتصاداً قوياً وقوة سياسية عالمية مؤثرة. ليس هذا فحسب، بل إن هذه الدول هي صاحبة رصيد تنموي كبير واقتصاد متنامٍ ومؤثر على الساحة العالمية، فزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لهذه الدول هي إشاره قوية إلى رغبة دولة الإمارات في توطيد علاقاتها مع دول شرق آسيا وفي الوقت نفسه تنويع شراكاتها الاقتصادية والاستراتيجية معها.
كما تأتي زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، للاحتفاء بأربعين عاماً من العلاقات الدبلوماسية، بالإضافة إلى المشاركة في المنتدى الاقتصادي العربي - الصيني.
وتحظى زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الصين باهتمام غير عادي في الغرب الذي بدأ ينظر إلى تلك الزيارة على أنها تتحرك خارج حدود المألوف التي تعودت عليها دول الخليج لزمن طويل ألا وهو الاعتماد على الغرب وتوطيد الشراكات الاقتصادية معه والاعتماد عليه في حل القضايا السياسية العالقة. وتأتي زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، والتي تأتي بالتزامن مع زيارة وفود عربية أخرى، في وقت تمر فيه منطقة الشرق الأوسط بحالة من الغليان نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة.
فدولة الإمارات تأمل في التشاور مع الصين، بحكم كونها قوة سياسية مؤثرة، حول أفضل الطرق للتوصل إلى حل سياسي لمشكلة الشرق الأوسط، بالإضافة بالطبع إلى توطيد أواصر التعاون الاقتصادي معها خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا العالمية المعاصرة.
فقد أدركت دول المنطقة جميعها أنه قد آن الأوان لإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية، خصوصاً مع التحولات الكبيرة في الرأي العام العالمي ورغبة معظم دول العالم في حل سلمي وعادل لحلحلة الأوضاع في الشرق الأوسط بواسطة حل يرضي كل الأطراف. وتكتسب زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بعداً سياسياً آخر ألا وهو التشاور مع الصين في القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك والتفاهم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، فالصين من الدول التي تشترك مع دولة الإمارات في الكثير من الأهداف وأيضاً المصالح المشتركة. فهناك العديد من الروابط التاريخية التي تربط الدولتين كما تجمعهما العديد من الأهداف المشتركة.
إن زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الصين وكوريا الجنوبية تفتح الأبواب على مصراعيها لمزيد من التعاون والتشاور بين دولة الإمارات وبين هذه الدول المؤثرة، كما تفتح الأبواب أمام المزيد من المشاريع الاقتصادية المشتركة التي تأتي بالنفع ليس فقط على اقتصاد هذه الدول، بل على الاستقرار والسلام في العالم بأسره. كما تسهل تلك الزيارة سبل التشاور بين هذه البلدان المحبة للسلام لإيجاد أفضل الطرق لحل القضايا العالمية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
إن مشاركة دولة الإمارات في المنتدى الاقتصادي العربي- الصيني، هي إشارة أخرى إلى أهمية دور دولة الإمارات بالنسبة للصين، فدور الإمارات الاقتصادي المتنامي والاستثمار الإماراتي في الصين والاستثمار الصيني في دولة الإمارات يكملان بعضهما البعض، ويقدمان أنموذجاً متميزاً للشراكات الاقتصادية الناجحة القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل والمصالح الثنائية المشتركة.
كما تهدف زيارة الوفود العربية كمصر والبحرين وغيرهما إلى تعميق التعاون مع الصين، حيث إنه من المفيد الاحتفاظ بعلاقة قوية معها لدعم مخرجات القمة العربية الأخيرة في المنامة. كما أن توطيد العلاقات مع الصين يخدم التحركات نحو حشد الاعتراف العالمي بدولة فلسطينية مستقلة.