قوة الابتسامة

لن يلومك أحد إذا ما توارت ابتسامتك عن الأنظار، فقد أصبح التجهم والغضب أمرين طبيعيين جداً في هذا العصر المزدحم، ولن تتلقى مالاً أو دعماً إذا ما أجبرت ابتسامتك على شق طريقها نحو وجهك، لكن جسدك الذي أنهكه العمل وانشغالك الذهني، لن يتحمل أكثر، وسيعلن في يوم ما توقفه عن خدمتك بالشكل المثالي، كما ستعاني من مشاكل صحية وأمراض كنت في غنى عنها، والسبب في ذلك إحساسك الدائم بالغضب والقلق والتوتر والألم والخوف، وتهويل المواضيع، وعدم تبسيطها، وعدم تقبل الأخبار السيئة، والشعور بالسوء وعدم الرضا، وبسبب هذه المشاعر، يمر كل يوم عليك كما لو كان جحيماً مصغراً، وفي نفس الوقت تدمر صحتك أكثر فأكثر، بينما الطريقة الوحيدة لتجنب هذه المأساة كلها، هي بالابتسامة.

أجرى عالم النفس الأمريكي، الدكتور «جيمس إريكسون»، دراسة عن آثار وفوائد التبسم، شملت أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وقد صنف الدكتور إريكسون هؤلاء الأشخاص إلى ثلاث مجموعات، إحداها تبتسم بصفة مستمرة، ومجموعة أخرى، الذين يبتسمون في المناسبات فقط، أما الأخيرة، فإن أصحابها لا يبتسمون على الإطلاق، وقد انتهت الدراسة بنتائج واضحة جداً، فالذين لا يبتسمون إلا في المناسبات، أو لا يفعلون ذلك أبداً، هم أكثر الناس تشاؤماً وشكوى من القلق والأرق والصداع الدائم، أما الأشخاص الذين يبتسمون كثيراً، هم الأكثر جاذبية وقدرة على إقناع الناس، كما أنهم يتميزون بثقتهم بأنفسهم، وهم أكثر الناس نشاطاً وصحة.

عندما تبتسم تقتل الأسى والغضب بداخلك، وتعلن يوماً جديداً أنت تصنعه، وتشعر بالرضا عن حياتك، وما قسمه الله لك، وتبتسم للغد، الذي تتفاءل أنه سيكون أفضل، إنها أشبه بالسحر، فهي تقضي على كوارث صحية قبل أن تأتيك، وتعطيك دافعاً معنوياً للعمل والإنجاز.

الكاتب الفرنسي فولتير، وصف الابتسامة قائلاً: «الابتسامة تذيب الجليد، وتنشر الارتياح، وتبلسم الجراح، إنها مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية»، فالابتسامة تجعل الناس تفتح قلوبها لك، وتنجذب نحوك، لأن الجميع يبحث عن السلام والخير، وهذا ما تعكسه الابتسامة، إنها تعلمك كيف تبسط الأمور، وكيف تسخر من المشاكل وتذللها، وكيف تتفوق على العقبات، مهما كانت.

الضحك والابتسامة علاجان وقائيان، يحميانك من المشاكل الصحية، ويصنعان حول قلبك حصناً منيعاً ضد الأمراض، فقد أثبت العالم الفرنسي «بيير فاشيه»، بعد سنين من أبحاثه في موضوع فوائد الضحك، أنه يوسع الشرايين والأوردة، وينشط الدورة الدموية، ويعمّق التنفس، ويحمل الأكسجين إلى أبعد أطراف الجسم، وكذلك تتم فيها حركة آلية ذاتية لتدليك الكثير من الأعضاء، وبالأخص الحجاب الحاجز، الذي يؤثر في الرئتين، فيساعد على دخول وخروج الهواء بسرعة، ويؤدي بنفس الوقت إلى زيادة إفرازات الغدد الصم، مثل غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية، وفي مقدم تلك الغدد، القلب، لأن القلب غدة صماء أيضاً، ويفرز هرمون الببتيد الأذيني، المدر للصوديوم.

ابتسم الآن، مهما كانت ظروفك، والضغوطات التي تواجهك، لأنك بحزنك وألمك لن تغير شيئاً، ولكن بمقدور الابتسامة أن تحمي صحتك أولاً، وأن تشعرك بالرضا والسرور ثانياً.