تمثل الزراعة إحدى أهم ركائز الاكتفاء الغذائي، كما أنها من أبرز التوجهات التي حرصت دولة الإمارات على دعمها، وبرهنت مسيرة دولة الإمارات على نجاح هذا المقصد الذي وضع أول أركانه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع قيام الاتحاد، حيث شكلت الزراعة اهتمامه الأول، ولم يكن اهتمام الجهات المعنية، محلياً واتحادياً، محصوراً بدعم الزراعة بمشاريعها الممتدة على مستوى الدولة، بل اشتمل أيضاً على تشجيع مبادرات الزراعة المنزلية بوصفها مبادرات مجتمعية تحقق الاستدامة، وتسرع تحقيق الاكتفاء الغذائي، إذ تسهم زراعة حديقة المنزل أو تحويل المساحات المتاحة في المباني إلى وحدات إنتاجية صغيرة في تعزيز مفهوم الاستدامة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، ودعم منظومة تحقيق الاستدامة على نطاق واسع في المجتمع.

وأطلقت بلدية دبي مسابقة خلال شهر مارس الماضي كإحدى حزم مبادرات برنامج «مزارع دبي»، الذي يهدف إلى دعم المزارعين المواطنين من أصحاب المشاريع الزراعية المُنتجة، والتشجيع على الزراعة المحلية لزيادة الإنتاج المحلي، وتعزيز الأمن الغذائي في إمارة دبي، تماشياً مع مستهدفات أجندة دبي الاجتماعية 33.

وتعكس المسابقة التزام بلدية دبي بدعم الممارسات المجتمعية التي تشجع المواطنين على الإنتاج الزراعي المحلي المستدام، كعنصر أساسي في ضمان استدامة منظومة الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، واستدامة الموارد البيئية، دعماً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، واستراتيجية الأمن الغذائي لإمارة دبي، الهادفة إلى تعزيز الإنتاج المحلي والحد من الفقد والهدر، وترسيخاً لمكانة الإمارة كوجهة رائدة عالمياً تجمع بين الجمالية والاستدامة البيئية والغذائية.

ومع مطلع يونيو 2024 أعلنت بلدية دبي أسماء الفائزين بمسابقة أفضل حديقة منزلية منتجة في إمارة دبي؛ (شو اللي ميزهم وفي شو فازوا)!!؟
الحديقة الأولى كانت للدكتورة سلطانة عثمان يوسف سليمان، والتي تقع في منطقة جميرا (1)، حيث جمعت حديقتها المنزلية عدداً من نقاط التميز، شملت؛ إنتاج أصناف متنوعة من الخضراوات والفاكهة باستخدام أنظمة الزراعة الهوائية (Aeroponic) والتي تُعد من أحدث الأنظمة الزراعية المُطبقة، إضافةً إلى استخدام نظام متقدم لتبريد البيوت المحمية، ووجود نظام معالجة المياه وإعادة تدويرها واستخدام البكتيريا الحية لتحسين جَودة مياه الري.

 كما تميزت الحديقة بوجود نظام تجفيف للمنتجات الزراعية، ونظام مميز لتقطير النباتات العطرية، فضلاً عن وجود علامة تجارية للحديقة واتباعها ممارسات لنقل المعرفة والثقافة الزراعية.

أما الحديقة الثانية فكانت للسيدة نعيمة محمد الأميري في منطقة القرهود بتنوعها الحيوي بين الأصناف النباتية والتربية السمكية (Aquaponic)، حيث تضم نوافير وبحيرة للإنتاج السمكي، كما يُستفاد من المياه بإعادة تدويرها واستخدامها في التسميد، وذلك لاحتوائها على عناصر غنية ومفيدة للنباتات، كذلك تحتوي الحديقة على نظام ريّ متقدم تحت سطح التربة يقلل من هدر المياه وتبخرها، إضافةً إلى وجود منحل يسهم في تلقيح النباتات وإنتاج العسل، فضلاً عن التنسيق المميز الذي يخلق بيئة متكاملة.

وجاءت الحديقة الثالثة للمواطن جمال عبدالله المهيري في منطقة ند الشبا، والتي تميزت بإنتاج نبات الآزولا، الذي يستخدم كأعلاف للدواجن والمواشي، ومن الناحية التقنية استخدم المهيري نظام الزراعة المائية (Hydroponic) الذي يعمل بالجاذبية الأرضية، وهو ما يسهم في توفير الطاقة، إضافةً إلى إنتاجه الفواكه والخضراوات المجففة وفق أفضل ممارسات الصحة والسلامة.

وقد يرى البعض أن تلك المسابقات عادية ما بين «إمام الفريج ومزارع دبي» لكنها ذات أثر عميق، كونها تبرز مدى الأثر الذي تتركه مثل هذه المسابقات في أوساط المجتمع، وتحقيق مستهدفاتها بنشر السعادة وتعزيز مشاركة أفراد المجتمع في بناء مجتمعات مستدامة ومكتفية ذاتياً، كل هذا ينسجم مع حملة استدامة وطنية هادفة لتعزيز الوعي المجتمعي بقضايا الاستدامة البيئية.

شكراً لكل من يدعم ويشجع ويبتكر، جزيل الشكر لكل فرق دبي الداعمة.