ربما يكون هنالك تساؤل كبير عن قضية الاهتمام الكبير لدولة الإمارات بتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعملية الدخول بشكل عميق في هذا القطاع الحيوي والتقني الذي أصبح في مصب اهتمام كبرى الدول العالمية للوصول لأهدافها الاستراتيجية، ليس من المستغرب أن تسير دولة الإمارات بشكل متسارع نحو كل ما يطور المنظومة الحكومية في الدولة ويجعلها تلحق بقطار الدول المتقدمة تقنياً وتكنولوجياً والتحول نحو مفهوم «الدولة الذكية».
بحسب دراسة أصدرتها «جامعة هيريوت وات دبي» تحتل الإمارات صدارة الدول العربية من حيث مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي، إذ يتوقع أن يسهم بنسبة 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2030، وتسعى الإمارات أن تتخطى مفهوم العوائد الاقتصادية في هذا المجال، حيث إنها في طريقها لأن تكون دولة رائدة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
تعد ثورة الذكاء الاصطناعي المنهجية الجديدة نحو التطور البشري المستقبلي، فليس من المنطق تخطي هذا التطور الذكي وعدم استخدامه أو الاستفادة منه لخدمة البشر على كافة القطاعات مثل الصناعية والطبية والتجارية، وعدم السعي إليه باعتباره فقط يسبب كثير المخاطر وحماية البشر، سيؤدي ذلك لعمل فراغ كبير بيننا وبين العلوم المتقدمة مما سيجعلنا متأخرين في كثير من التقنيات الحديثة، خاصة وأن المجتمع الإماراتي أصبح يعتمد بشكل جدي وحقيقي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياته اليومية بصورة كبيرة، وما نراه من تجاوب كبير نحو هذا الذكاء هو دليل على نجاح أهداف استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها دولة الإمارات في أكتوبر 2017.
يأتي هذا التوجه نحو انطلاقة جديدة إلى مرحلة جديدة بعد قطع شوط كبير من مبادرات تطوير الحكومة الذكية، حيث إنها ستعمل على تطوير كافة الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم مع مئوية الإمارات 2071، التي تسعى لتحقيق أن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في المجالات كافة منها القطاعات الحيوية، وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، والتي تهدف من خلالها أن يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في كثير من الخدمات والتعمق في دراسته وتطويره بما يؤدي إلى الارتقاء بالأداء الحكومي المتميز وتسريع وتسهيل عمليات الإنجاز وخلق فرص عمل جديدة بشكل مبتكر، إن الاستثمار الكبير لحكومة الإمارات في الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية لكي تكون الأولى في العالم لبلوغ المستقبل، لذلك ستعمل على تسهيل كافات القرارات والسياسات لتكون دولة مسلحة بالعلوم والتكنولوجيا لتعزيز البنية التحتية الرقمية وللوصول إلى الجاهزية الشاملة للمستقبل وجودة الحياة الرقمية.