غونتانامو

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أبسط الأشياء تظهر أعظم الأمور، ومن أقل المؤشرات تتضح علامات كبرى، وكما يقال فإن الدلالات المتواضعة تبقى دلالات رغم وهنها وضعفها بل إنها دلالات لما هو أكبر، بمعنى أن المشاكل عادة تبدأ بأسباب صغيرة وبسيطة أو كما يقال تفاهة، لكنها سرعان ما تكبر وتتشعب.

الحال ينطبق في كافة مفاصل الحياة، فعندما يرد أحد زملائك في العمل برد فيه حدة ويتسبب في غضب وزعل، فإن المبرر الأول الذي يسوقه أنه لم يقصد، ولا داعي للحساسية الزائدة، فلم أقل إلا كلمة بسيطة، وفي الحقيقة أن الأخطاء الصغيرة عادة ما تكون مؤشرات لما في القلب من حب أو تسامح أو ضغائن وكراهية.

في الحياة الزوجية يكون الأثر أكبر والحساسية تكون أكثر وضوحاً، والمشاكل التي تؤدي للانفصال والطلاق عادة ما تكون صغيرة، لكنها تبدأ كذلك وسرعان ما تكبر وتتشعب، القصة التي حدثت قبل فترة من الزمن، مع إحدى الزوجات والتي اكتشفت أن زوجها قد دوّن اسمها في الجوال، باسم غونتانامو، خير دليل في هذا السياق فهي لم تتردد في طلب الطلاق والانفصال بعد زواج دام سبعة عشر عاماً، البعض سيضحك ويؤكد أن هذه المرأة على خطأ فقد يكون الزوج يمزح، أو نحوها من المبررات، لكن الحقيقة في ظني مختلفة، فالذي حدث كما يقال في المثل العربي، هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وما اكتشفته في جوال الزوج لم يكن أكثر من عارض وسبب بسيط، لكنه هو الذي جعلها تقرر إيقاف حياتها الزوجية مع هذا الزوج، وتطالب بالطلاق. بمعني أن الزوج لم يكن على أخلاق راقية ومحترم، ومؤكد أنه كان مؤذياً وأن هناك كثيراً من المشاكل بين الزوجين.

هل تتوقعون أن الزوج كان مثالياً ورجلاً محترماً، وتأتي المرأة بطلب الطلاق لأنه وضع وصفاً لها غير لائق في جواله؟ مستحيل، فالاحترام والتقدير ومراعاة العشرة وهذه السنوات، لن تسمح له أن يصف زوجته بالسجن البشع والقاسي والظالم، إنني فعلاً أستغرب من بعض الأزواج الذين يعيشون مع بعض ثم يتعايشون مع بعض في ظل صعوبات ومشاكل متعددة ويومية دون البحث عن حل أو علاج، وأعتقد جازمة أن الزواج إذا لم يستظل بالحب والاحترام، فإن مصيره الفشل والانهيار، لكن المؤلم بحق أن العنصر الأضعف والأكثر ضحية في مثل هذه القضايا هي المرأة، نسيت أن أبلغكم أنني مع هذه السيدة في طلب الطلاق والانفصال.

Email