من يعطيهم حقوق الملكية الفكرية؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تستغربوا أن نرى بعض الخصائص التي وهبها الله لبعض المخلوقات وقد استغلها الإنسان وقام بدراستها ومن ثم عمل على نقلها بشكل تام للاستفادة منها في مخترع جديد أو تطوير مخترعات قائمة.

لعل هذا الجانب هو الذي يوضح كل هذا الشغف الذي نلمسه عند البعض من العلماء في مختلف المجالات عندما ينكبون على دراسة حيوان أو طائر أو حتى حشرة ما، ونتساءل ما الفائدة التي يمكن الخروج بها عندما نركز على أحد الطيور لمعرفة دينامكية طيرانه؟ وكيف ينساب في الهواء برشاقة وهدوء؟ أو عندما يختارون حشرة ما ويراقبون بشكل دقيق آلية حمايتها في الماء وكيفية رؤيتها وكيف تحمي نفسها ونحوها؟ وهي تساؤلات فعلية عن الفائدة التي يمكن أن ترتد على البشرية، من مثل هذه الدراسات والتي تأخذ الكثير من الوقت والجهد، لكن في الحقيقة وطوال تاريخ تطور العلوم والمخترعات، ثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن المخلوقات التي تشارك الإنسان الأرض كان لها بالغ الأثر أولاً في إلهام الإنسان، ثم ثانياً في التمكن من محاكاتها وتقليد مهاراتها، حتى وصلنا لما نحن نشاهده اليوم من تطور وتميز.

والأمثلة عديدة ومتنوعة، فعلى سبيل المثال الطيران نحن ندين للطيور على مختلف أنواعها في نجاح الإنسان في التحليق عالياً، ومن ثم تطور هذه الصناعة الحيوية المهمة التي نقلت البشرية وقربت المسافات.. اليوم نشاهد المزيد من مثل هذه الدراسات، ولكن لأهداف مختلفة وهي التطوير ومزيد من المهارة، من مثل هذه الجهود موضوع حمل عنوان: حمائم مناورة، ونشرته مجلة ناشيونال جيوغرافيك، جاء فيه: «ربما نضحك من مشية الحمام وحركة رأسه البهلوانية، ولكنه ليس كذلك على الإطلاق عندما يكون سابحاً في السماء. فهو طائر خفيف الحركة بديع المناورة يشق طريقه بجناحيه بين البنايات وغيرها من الحواجز الشاهقة التي صنعتها يد الإنسان.

 وقد أجرى ديفيد ويليامز وزملاؤه في جامعة هارفرد الأمريكية دراسة عن أساليب الطيران المناور لدى الحمام، لمعرفة كيف يبرع في تفادي الارتطام بتلك الحواجز. عكف ويليامز في البداية على تدريب طيور حمام بري على الطيران عبر ممر خالٍ، وبعدئذ نصب في الممر أعمدة رأسية تفصل بينها مسافات، ثم راح يصور الحمام بالفيديو أثناء طيرانه عبر ذلك المسار المليء بالحواجز، كان صاحبنا يتوقع من طيوره تلك أن تستخدم مراوغة وحيدة عند كل حاجز، ولكنه وجد أنها تعتمد على حركتين اثنتين: وقفة ثم طية، على حد تعبير الباحثين، ففي الأولى يثبت الجناحان عند أعلى نقطة خفقان، وفي الثانية يجذب الجناحان إلى الخلف، وكشفت الدراسة عن أن الوقفة كانت تتيح الحفاظ على الارتفاع بكفاءة أكبر، فيما تساعد الطية الطائر على المرور من الفجوات الضيقة مع الحفاظ على ثباته عند أي اصطدام».

ليس هذا وحسب بل هناك دراسات حتى على الحشرات للمساعدة في مجالات المعالجة الطبية، ففي نفس المجلة تم نشر موضوع تحت عنوان: جفن ثالث لرؤية آمنة، جاء فيه: «يقال له الغشاء الرماش، وهو جفن داخلي نصف شفاف له دور في تنظيف العين وحمايتها، فضلاً عن أدائه وظائف أخرى، تعتمد عليه الإبل عند هبوب العواصف الرملية، ويستعين به الضفدع عندما يحشر عينية حشراً إلى الداخل تسهيلاً لبلع الطعام، ويستخدمه نقار الخشب حزام أمان يحفظ عينيه من الجحوظ، ويقول إيفان شواب، أستاذ طب العيون في جامعة كاليفورنيا، إن هذا الجفن الثالث يوجد في طرف العين البشرية أيضاً، ولكنه بلا وظيفة، ويسميه العلماء الطية الهلالية». 

والذي نصل له أن الحيوانات والحشرات ساعدتنا وتساعدنا على التطور ففي قصة الحمامة، نحن في الحقيقة نأخذ طريقتها في تلافي الاصطدام ولا نستبعد أن نراها تقنية قادمة في الطائرات الأكثر حداثة وتطور، وفي قصة الجفن، قد يكون ألهم العلماء بالعمل لتفعيل الجفن الثالث الذي يوجد لدى الإنسان، ليستخدمه في مهام وأعمال أكثر حيوية، وهذا يقودنا نحو قانون حقوق الملكية الفكرية، لأن هذه جميعها مهارات ومزايا – إذا صح التعبير - تختص بهذه الحيوانات والحشرات، ألا يشملهم القانون؟!.. بطبيعة الحال تساؤلي يأتي من باب الطرافة لا الجدية، لكن لماذا لا نعطي هذه المخلوقات حقوقاً حقيقية خاصة لا سيما وأنها تشاركنا العيش على هذا الكوكب، بل وقدمت أفكاراً للبشرية لتساعدنا على المزيد من التميز، لعل أهم حق تحتاجه هذه المخلوقات يتمثل في عدم تدمير الكوكب وعدم نفث السموم الكربونية وعدم تلويث البحار والأنهار ومجاري المياه، تحتاج لبيئتها أن تظل كما هي بيئة سليمة خالية من تدخلنا ومن أساليبنا الحديثة المؤذية.

Email