تعد إدارة المعرفة من أهم العوامل التي تسهم في بناء الدول وتطورها، تأسيس بيئة تعتمد على المعرفة والعلم يعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، لقد أدرك القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بعمق أهمية العلم والمعرفة كركيزة أساسية لبناء الدولة الوطنية، فتبنى مفهوم إدارة المعرفة في عملية إنشاء، مشاركة، واستخدام المعرفة والمعلومات داخل الدولة لتحقيق أهدافها. حرص على أن تتضمن هذه العملية جمع البيانات، تنظيمها، وتحليلها للاستفادة منها في صنع القرارات وتحسين الأداء. كما أكد بقوله: «بالعلم يرفع الإنسان من قيمته، ويبني نفسه، ولا قيمة للمال بدون العلم والمعرفة؛ لأن العلم هو أساس التقدم وأساس البناء».
إدارة المعرفة الضمنية تشير إلى المعرفة المكتسبة من خلال التجارب الشخصية والممارسات التي يصعب نقلها وتوثيقها، لقد أدرك القائد المؤسس الشيخ زايد أهمية هذه المعرفة المتراكمة عبر الزمن والمستمدة من التراث والتجارب الحياتية، فعلى سبيل المقال، في مجال الزراعة، رغم توصيات الخبراء بعدم صلاحية الأراضي للزراعة، إلا أنه اعتمد على المعرفة الضمنية والمحلية التي اكتسبها، قائلاً: «إن بعض خبراء الزراعة قالوا لنا في السابق: إن أرضنا لا تصلح للزراعة، ونصحونا بعدم المحاولة، ولكننا حاولنا ونجحنا». هذا يعكس كيف يمكن للاستفادة من التجارب الشخصية والمعرفة الضمنية تحقيق نجاحات بارزة.
إدارة المعرفة الصريحة تتعلق بالمعرفة التي يمكن توثيقها ونقلها بسهولة، مثل البيانات، التقارير، والمعلومات المكتوبة، لقد حرص القائد المؤسس الشيخ زايد على أن تكون هذه المعرفة متاحة للجميع لضمان التطور المستدام، يقول: «الإنسان يتعلم ليصبح قادراً على أداء مهمته، ينتفع وينفع بها الآخرين». هذا يعكس التزامه بتوفير التعليم والمعرفة الصريحة للجميع، لضمان استفادة المجتمع ككل.
كان القائد المؤسس الشيخ زايد يؤمن أن تحقيق التقدم الحضاري يحتاج إلى رؤية استراتيجية تعتمد على العلم والمعرفة، وبأن الأخلاق والعلم هما أساس بناء الأمم، كما يوضح: «بدون الأخلاق وبدون حسن السلوك وبدون العلم لا تستطيع الأمم أن تبني أجيالها والقيام بواجبها؛ وإنما تبنى حضارات الأمم بالعلم وحسن الخلق والشهامة». هذه الكلمات تعكس العمق الفكري لزايد وأهمية العلم في رؤيته لبناء الوطن.
حرص القائد الشيخ زايد على توفير فرص التعليم للجميع، نظراً لإيمانه التام بأن العلم هو السبيل الوحيد لرفع شأن الإنسان والمجتمع، وهذا ما أسهم في بناء جيل مثقف قادر على مواجهة التحديات. يقول: «نحمد الله ونشكره، فنحن اليوم نجني ثمار العلم والمعرفة بعد أن بدأنا على هذه الأرض في بناء الإنسان، ووفرنا له كل سبل التقدم والتطور من معيشة وخدمات صحية ومسكن حتى ينطلق بعد ذلك، ويخطو طريقه إلى العلم والثقافة والحضارة». بهذه الرؤية يؤكد القائد المؤسس الشيخ زايد على أن العلم ليس فقط لرفع الفرد ولكن لخدمة المجتمع ككل. لقد عمل الشيخ زايد أيضاً على الاستفادة من تجارب الآخرين وتحليلها لتطبيقها بما يتناسب مع البيئة المحلية، كما يُظهر قوله: «يجب أيضاً تنشيط العمل الاجتماعي ومراعاة كل فئات المجتمع... والاستفادة من التجارب الرائدة للآخرين بكل كفاءة واقتدار لخدمة الوطن ومعالجة قضايا المجتمع».
دأب القائد المؤسس الشيخ زايد على تنمية الشباب وتوجيههم نحو العلم والمعرفة، ووفر لهم كل ما يحتاجونه من فرص تعليمية لتمكينهم من النهوض بأنفسهم وبوطنهم. موضحاً: «إن الدولة وفرت للشباب كل فرص العلم والنجاح من مدارس وجامعات ومجالات للثقافة والمعرفة، حتى ينفعوا أنفسهم وأهلهم ومجتمعهم». رؤيته هذه أسست لنهضة تعليمية شاملة مبنية على النفع المتبادل للعلم والمعرفة.
كما شملت إدارة المعرفة عند القائد المؤسس الشيخ زايد جميع مجالات الحياة بما في ذلك الزراعة، فعلى الرغم من التحديات التي واجهت هذا القطاع، إلا أن إصراره على الاستفادة من العلم والمعرفة حقق نجاحات باهرة. يقول: «منجزاتنا في مجال البحث في زراعة النباتات شبه المالحة سوف لا تقتصر فائدتها علينا، إنما يمكن أن تعم ويستفيد منها الآخرون». هذا يوضح كيف يمكن للمعرفة والتجربة أن تحول التحديات إلى فرص. وتظل ممارساته الفريدة تلهمنا للاستمرار في طريق العلم والمعرفة والفكر الاستراتيجي لتحقيق التقدم والازدهار.