كيف تتشكل دوامة الأفكار؟

منظر دوامة البحر مخيف، بالأخص كلما كبر حجم الدوامة وذلك لخطورتها، فمن الممكن أن تسحب الانسان إلى قاعها في حال اقترب منها، مما يؤدي إلى هلاكه. 

الأمر متشابه مع دوامة الأفكار لدى الإنسان، والتي تتكون بسبب تدفق الأفكار المشتتة من الدماغ بحيث لا يوجد لها مسار له نقطة وصول، فتظل تدور حول محور وهمي، وكلما زاد تدفق الأفكار المشتتة زاد حجم دوامة الأفكار التي تجر صاحبها إلى القاع.

فقدان السيطرة على التركيز في تحديد الغايات أو تحقيقها دافع يسهم في تشكيل دوامة الأفكار ويسهم في اختلال موازين حياة الفرد سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي أو غيرها من الجوانب الحياتية.

إذا افترضنا بأنه تكون لدينا شكلان مختلفان نتجا عن سلوك شابين لديهما نفس الطموح في دراسة تخصص معين والعمل بنفس الوظيفة ولكن دراسة التخصص تحتاج لإتقان لغة، الأول أخذ دورة مكثفة باللغة وتسبب ذلك في تأخر تخرجه لكنه استطاع أن يكمل التخصص ثم توظف بالمهنة التي طمح لها وحقق فيها النجاح.

وأما الثاني، بحث عن أي تخصص سهل لا يحتاج لدراسة اللغة، قام بتجربة أكثر من تخصص مما تسبب في تأخر تخرجه فتوظف في عدة مهن ومازال يبحث عن المهنة المناسبة التي تحقق له طموحه.

إذا تخيلنا شكل المسار في قصة الشاب الأول، فهو اتجاه واحد له نقطة بداية ونهاية، ربما توجد به بعض التعرجات ولكنه شكل مساراً واضحاً، وأما الشاب الثاني فإن شكل المسار الذي شكله عبارة عن دوران حول نقطة غير واضحة بسبب الحركة غير المنتظمة. 

في كتاب «قوة التركيز» كانت هناك جزئية تتحدث عن منهج «كن يقظاً» وهو أسلوب علمي لنيل التركيز والتوازن المطلوب في تحقيق الغايات، تضمن المنهج 6 محاور، بدأ بالتخطيط التمهيدي للغاية، ثم العمل على تنفيذها مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي قد تواجه الفرد، ثم التعلم من المصادر المتاحة مثل الورش التدريبية والكتب وغيرها من الوسائل التي تنمي لدى الفرد المهارة والمعرفة، التمارين الرياضية لا تقل أهمية عن باقي المحاور كونها سلوكاً صحياً يسهم في المحافظة على سلامة الجسد والعقل، ومن ضمن محاور المنهج أيضاً الاسترخاء كونه يساعد الفرد على التقليل من ضغوطات الحياة والترويح عن النفس، وكان آخر محاور المنهج هو التفكير والتأمل والذي يسهم في جعل الفرد أكثر حكمة وتعقلاً. قد تختلف المناهج التي يتبعها الفرد للمحافظة على التركيز، لكن المهم أن تكون فعالة، عندنا يضيع الإنسان وقته في التركيز بغايات غير مرتبطة بتحسين حياته، يظل في دوامة لا نهاية لها تجره إلى قاع التشتت.