الأحداث التي حدثت في منطقتنا خلال الأيام الفائتة تهدد العالم بخطر نشوب حرب إقليمية شاملة في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من دعوات التهدئة إلا أن صيحات الانتقام من كلا الجانبين تنذر بأن الصراع الدائر حالياً في الشرق الأوسط لن ينتهي بصورة سريعة أو حاسمة.
مسلسل العنف والاغتيالات يليه مسلسل الانتقام يهدد بإشعال حرب إقليمية سوف تسفر عن خسائر بشرية واقتصادية هائلة تطال العالم بأسره. الدول العظمى تنظر إلى هذا الصراع على أنه صراع سوف يحدد مصير مصالحها السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، بينما تنظر شعوب المنطقة لهذا الصراع أنه صراع مصيري يحدد مصائر شعوبها ومستقبلها.
يأتي هذا التصعيد الخطير في الوقت الذي تشهد منطقة الشرق الأوسط والعالم الآثار السلبية لحربين خطيرتين هما الحرب على غزة والحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي استهلكت فيهما كميات من الأسلحة والذخيرة لم تستهلك منذ الحرب العالمية الثانية.
هذا التصعيد الكبير في الأزمات السياسية سوف ينعكس سلباً على البشرية جمعاء من حيث إن هذا الصراع سوف يكون له آثار سلبية كبيرة على مستقبل العالم وعلى التنمية والأمن والاستقرار وعلى ملفات متنوعة أخرى مثل سلاسل الغذاء وجهود العالم من ناحية خفض التسلح وعلى حماية الكوكب من آثار التلوث.
ومنذ اندلاع فتيلة المواجهات المسلحة في العالم من حولنا ودولة الإمارات تدعو للتهدئة. فقد عانى العالم في الماضي من ويلات الحروب والأزمات وآن الأوان لتحكيم العقل والمنطق وإطفاء فتيل الحرب والعمل على تعزيز الأمن والاستقرار لشعوب لطالما عانت من عدم الاستقرار مثل الشعب الفلسطيني. كما أن من حق شعوب العالم أن تنعم باستقرار وأمان لطالما حلمت به.
مساهمات الإمارات تعدت المساعي الدبلوماسية إلى تقديم الدعم الإنساني للذين يعانون من تلك الحروب. فعملية «الفارس الشهم» تعمل على إيصال المساعدات العينية إلى المتضررين من الحرب والحصار في غزة.
وقد كان لهذه المساعدات الأثر الطيب في تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعانيها النازحون الفلسطينيون. فقد عملت الإمارات مع عدد من الدول العربية الشقيقة على تكامل جهود تقديم المساعدات حتى تصل إلى مستحقيها. كما عملت الإمارات على إيصال المساعدات إلى أوكرانيا لتخفف من آثار الحرب هناك.
العالم يقف الآن على مفترق طرق وأمام سيناريوهات متعددة. السيناريو الأول هو أن تتجه المنطقة نحو المزيد من التصعيد العسكري ومزيد من العنف وإراقة الدماء على الرغم من أن ذلك التصعيد ليس في مصلحة أي طرف.
السيناريو الثاني هو أن تتكاتف الجهود الدولية نحو إيقاف تلك الحرب المدمرة وحماية الإنسانية من شبح حرب جديدة كارثية. أما السيناريو الثالث فهو أن يسعى كل طرف للتحشيد وشن حرب استنزاف نفسية وحشد القوة لكسب معركة قد تكون رابحة له، ولكنها بالتأكيد خسارة للإنسانية جمعاء.
العالم ليس بحاجة لحرب مدمرة أخرى قد تهدد كوكبنا، بل بحاجة لتكامل الجهود البشرية لنشر الأمن والسلام في العالم. وهنا يأتي دور عقلاء العالم ومفكريها وصناع القرار السلمي فيها للعمل يداً بيد من أجل عالم أفضل للأجيال القادمة.
وهذا هو الرهان، فهل تستطيع قوى السلام أن توقف عجلة الحرب؟ وهل يستطيع عقلاء العالم أن يقفوا في وجه من يضخ أسلحة الدمار والعنف؟ وهل يستطيع مفكرو العالم أن يقفوا في وجه مثيري الفتنة والتسلط والإرهاب والتعنت وراديكالية قوى المواجهة التي تبث سمومها وتطرفها وتخلق جواً من العنف والإرهاب في العالم؟ هذا هو الرهان الآن.