في سياق القيادة وإدارة الدول يعد تقييم النتائج جزءاً أساسياً من السرد الاستراتيجي، ويتطلب النجاح المستدام فهماً دقيقاً لكيفية تطور الأداء ومتابعة تحقيق الأهداف، وهنا يأتي دور مؤشرات الأداء كأداة حيوية لقياس التقدم وتقييم النجاحات وتحديد نقاط التحسين، لقد اعتمد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رؤى استراتيجية وقدم إسهامات وممارسات على أرض الواقع وبمرحلة تأسيس الدولة تعتبر فريدة في هذا المجال.

يصف القائد المؤسس العملية التطويرية للدولة بمراحل نمو الطفل، موضحاً أنها عملية تخطيط مرحلي تتطلب مراجعة مستمرة. يقول: «نحن بشر، والبشر عرضة للخطأ والصواب، والدولة تشبه تماماً الطفل الذي ينمو، والتخطيط لها يتم على أساس مرحلي، وأحياناً تكون التقديرات غير سليمة». يعكس هذا الفهم العميق للطبيعة الديناميكية للتخطيط والتنفيذ، مشيراً إلى أن التقييم جزء لا يتجزأ من عملية النمو.

تبدأ عملية تقييم النتائج بتحديد الأهداف بوضوح وجعلها قابلة للقياس، مما يساهم في وضع معايير محددة لتقييم مدى تحقيق هذه الأهداف، وبعد ذلك يتطلب التقييم جمع بيانات كمية ونوعية، مما يوفر صورة شاملة عن الأداء الفعلي مقارنة بالأهداف المحددة، ثم يتم تحليل البيانات باستخدام أدوات مختلفة مثل الإحصائيات والرسوم البيانية لفهم مدى التقدم، وبناءً على التحليل يتم تقييم مدى تحقيق الأهداف وفقاً للمعايير المحددة، سواء أكانت النتائج إيجابية أم تتطلب تحسينات، وبناءً على التقييم يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النجاحات أو معالجة التحديات، ومن ثم توثيق النتائج والإجراءات في تقارير واضحة، والذي يساعد في اتخاذ القرارات المستنيرة، وأخيراً يتم مراجعة النتائج بعد تنفيذ الإجراءات للتحقق من تأثيرها وتعلم الدروس لتحسين الأداء المستقبلي.

ومن ممارسات القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قوله: «لقد تحملت المسؤولية بأمانة وإخلاص طوال الخمس سنوات الماضية، وكان واجباً على من كان في موقعي أن يتبين معالم الطريق فيتحسس مواطن الضعف والقوة خلال تجربتنا بمسيرة الاتحاد، ومن واقع هذه التجربة فقد كان من واجبي أن أبلغ إخواني الحكام نتائج هذه التجربة وما تحصل منها، خصوصاً وقد أوشكت مدة رئاستي على الانتهاء، وأشعر أن الأمانة يجب أن تسلم لأصحابها، وحتى تتاح لهم فرصة لمن يرغب فيها. وعلينا أن نعمل للتاريخ وللأجيال القادمة حتى نرضي الله ورسوله ونرضي ضمائرنا». يعكس هذا التزاماً بتحليل التجارب السابقة واستخلاص الدروس منها، وهي عملية أساسية في التقييم الاستراتيجي.

وفي سياق آخر يقول الشيخ زايد: «إن الإنسان الذي لا يعرف ماضيه وكيف عاش وتعب أهله، لا يعرف الطريق إلى حاضره، أما إذا عرف ماضيه فإنه يستطيع أن يسلك الطريق والاتجاه السليم». وهذا يبرز أهمية فهم التاريخ في سياق تقييم الأداء، حيث يساهم في توجيه الاستراتيجيات الحالية والمستقبلية بشكل أكثر دقة ووعياً.

وفي موضع آخر يقول الشيخ زايد: «أصبح المواطن يحس ويرى كل ما عمله قيام دولة الاتحاد ويجني ثماره. ثم قوة الاتحاد ووجودها وإمكانياتها لم تقتصر على الاتحاد أو مواطنيه فقط، بل أصبح الاتحاد عضواً عاملاً وقائماً بواجبه بين أشقائه مع كل دولة عربية وإسلامية». تعكس مقولة القائد المؤسس الشيخ زايد هذه الشفافية والعدالة اللتين هما عماد عملية التقييم الناجحة، يجب أن تتم العملية بشكل شفاف وعادل لتجنب أي تحيز أو تلاعب بالبيانات. ويساهم ذلك في بناء الثقة وتحقيق نتائج موثوقة، كما يعزز التواصل مع الأطراف المعنية، مما يؤدي إلى تحسين الأداء المستدام.

يقول القائد المؤسس: «الآن نحن نحس بأنفسنا مع مواطنينا في هذا الجزء من الوطن العربي بأننا قد أصبحنا سعداء لما غرسناه واستثمرناه في وطننا خلال هذه المدة القصيرة»، يعكس هذا الفخر بالإنجازات، لكنه يؤكد أيضاً على أهمية مواصلة التقييم والتحسين لتحقيق سعادة واستقرار المواطنين على المدى الطويل. يشكل السرد الاستراتيجي للمؤسس إطاراً قوياً لفهم وتقييم الأداء، مما يساعد في تحقيق التطور المستدام والنمو المتوازن في كل المجالات.