لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ذاكرة متوهجة بكل التفاصيل الجميلة التي رافقت مسيرة حياته في بناء هذا الوطن الجميل، فمنذ أكثر من خمسين عاماً وهو يتقدم الصفوف، ويقدم النموذج الأروع في العمل والإنجاز، مؤكداً وبوعي عميق أن معركة بناء الوطن والإنسان هي المعركة الكبرى التي يجب أن تخوضها المجتمعات العربية التي أفلت شمس حضارتها منذ زمن ليس بالقصير، وبات لزاماً عليها أن تستعيد مكانتها الحضارية اللائقة بها بين الأمم والشعوب.

وعلى الرغم من حفاوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بكل إنجازات الوطن، وتعبيره عن ذلك في شعره ونثره وكتاباته، إلا أن هناك لحظة عميقة الحضور في قلبه ووجدانه بكل تفاصيلها الزمنية والمكانية هي لحظة إعلان اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، تلك اللحظة التي خصّها بحديث طويل يتدفق وفاء وفخراً وحذراً وإشفاقاً من ضياع فكرة الاتحاد التي كان يرى فيها طوق النجاة لهذه البلاد التي تستحق أن يكون لها كيان قوي متماسك يجسد أحلام القادة الكبار الذين بجهودهم ونقاء قلوبهم طلعت شمس الاتحاد وسطعت في سماء المجد، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بلغة تتدفق شاعرية وعذوبة حين كتب عن عمق تغلغل هذه الفكرة في قلبه، وخلودها في ذاكرته تحت عنوان «الخيمة الشمالية» التي هي «القصة العشرون» بين القصص الخمسين التي تحكي مسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في هذه الحياة، والتي أرخ من خلالها لكل الوقائع الكبرى في مسيرة هذا الوطن، فرجعت به الذاكرة إلى تلك اللحظات الخالدة، فكتب يقول: «لحظات البداية هي دائماً لحظات لا تنسى، تبقى تفاصيلها في ذاكرتك، وتبقى أحاسيسها عالقة بروحك، وتبقى لذتها ونشوتها وحماستها جزءاً من تكوينك إلى الأبد».

ولأن الذاكرة لا تحتفي بالأحداث مجردة عن الإنسان، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يحتفي بالرجال الذين صنعوا تلك اللحظة التاريخية الفاصلة، وتخليداً لتاريخ هذا الوطن يكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بين الحين والآخر عن القادة الفرسان الذين كان لهم الدور الفاعل في قيام الاتحاد والحفاظ على كيانه قوياً متماسكاً، وها هو يكتب على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي عن واحدٍ من رجال تلك المرحلة التاريخية الزاهرة؛ صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، تعبيراً عن عمق الاحترام الشخصي، وتقديراً لدوره الكبير في مسيرة الاتحاد المظفرة.

«الأخ والصديق حمد بن محمّد الشرقي: نبارك لكم خمسين عاماً في خدمة الوطن، كنت فيها رفيقاً لزايد وخليفة ومحمّد بن زايد داعماً ومرسّخاً ومخلصاً لوحدة واتحاد هذا الوطن»، بهذه الكلمات النابعة من معدن الإخاء الصادق يفتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هذه التغريدة الأخوية التي كتبها مباركاً لأخيه وصديقه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، حاكم إمارة الفجيرة، مستذكراً مواقفه الأصيلة في دعم فكرة الاتحاد وترسيخ الوحدة الوطنية من خلال العمل مع قادة الوطن الكبار منذ لحظة التأسيس مع المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، ثم مع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ووصولاً إلى هذه المرحلة الزاهرة في تاريخ الوطن في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث امتدت الرحلة عبر خمسين عاماً كانت منذورة لخدمة هذا الوطن الذي يستحق كل تضحية ومحبة وإكرام.

«خمسون عاماً كنت فيها لشعبك نِعْمَ الحاكم ونِعْمَ الأب والأخ الحريص على شؤونهم، خمسون عاماً تحولت فيها إمارة الفجيرة لإحدى أجمل وجهات الوطن»، ولأن قيمة القائد لا تقاس بمجرد جلوسه على كرسي الحكم، يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن أخاه وصديقه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، حاكم الفجيرة، كان نعمة على بلاده وشعبه، فهو لهم الظل الظليل والركن الوثيق، وهو لهم كالوالد الشفيق والأخ العضيد، والحاكم الحريص على كل ما يسعدهم ويرتقي بهم وبوطنهم، فكان ثمرة ذلك كله أن تقدمت هذه الإمارة السعيدة وأصبحت واحةً غناء في قلب هذا الوطن السعيد بأبنائه وحكامه، ووجهة جميلة من وجهات هذا الوطن الغالي الجميل.

«وأصبحت فيها يا أبا محمّد أحد رموز وأعلام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ولأبنائك الهمة والعزيمة في دعم المسيرة، وخدمة الاتحاد وأبناء الاتحاد». ثم كانت هذه الخاتمة الأخوية الرائعة التي تحكي عمق المحبة والصفاء الذي يجمع بين قلوب قادة هذه الدولة، حيث يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على عمق الحضور الذي حققه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي خلال هذه المسيرة الموفقة من عمر الوطن ليظل هذا الإرث من الوفاء للوطن إرثاً مصوناً عزيزاً يحتفظ به الأبناء الفرسان، ويستكملون به مسيرة الآباء المؤسسين الذين ضربوا أروع الأمثلة في نكران الذات والتفاف السواعد حول لواء الوطن كي يظل عالياً خفاقاً في سماء الإنسانية الشامخة.