لا تتوقف قيادتنا الرشيدة في دبي عن تقديم ما يدفعنا للتعبير عن تقديرنا البالغ لرؤيتها ومنهجها في الإدارة، ولعلّ المبادرة التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، لدعم البحث العلمي تأتي في هذا السياق كأنموذج معبر عما نطرحه في هذا المقال، كونها واحدة من سلسلة مبادرات تم إطلاقها خلال هذا العام. المبادرة الرائدة ستشكّل حافزاً كبيراً للمميزين من الأكاديميين والباحثين والجامعات أو المؤسسات البحثية من الإمارات وكافة أنحاء العالم للمشاركة في تطوير العديد من البرامج والمشروعات التي من شأنها دفع الإمارة لمواكبة المستقبل بطريقة منهجية أكثر تطوراً وإبداعاً.

تبرز أهمية البحث العلمي بازدياد اعتماد الدول عليه إدراكاً منها بمدى حتميّته في تحقيق التقدم والتطور الحضاري، وأصبحت منهجية البحث العلمي وأساليب القيام بها من الأمور المسلّم بها في المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث، إضافة إلى انتشار استخدامها في معالجة المشكلات التي تواجه المؤسسات العامة والخاصة على حد سواء.

عندما ننظر إلى خارطة العالم ونراجع الطرق التي انتهجتها الدول الكبرى لتحقيق نهضتها، لن نجد صعوبة في إدراك الدور المحوري الذي لعبه - ولا يزال - البحث العلمي في إنجاز العديد من المشروعات الكبرى والتي رسّخت عنوان نهضتها وتقدمها. 

والأمثلة لذلك تفوق الحصر، منها الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغ حجم الإنفاق فيها على البحث والتطوير ما يقارب 580 مليار دولار عام 2020 على سبيل المثال، وفي العام ذاته بلغ حجم إنفاق الصين 300 مليار دولار، والرقم يزداد عاماً بعد عام.

واللافت أن الإنفاق على البحث العلمي والتطوير ليس قاصراً على الدول وحدها؛ فالشركات الكبرى تنفق أيضاً وبسخاء من أجل حفاظها على مكانتها المتميزة في الأسواق، حيث تشير التقارير أن شركة آبل تنفق سنوياً ما يقارب 20 مليار دولار على تطوير عملها البحثي وكذلك الأمر بالنسبة لشركة جوجل الشهيرة، وبدورها شركة سامسونج العملاقة لا تدخر جهداً في سبيل تطوير إنتاجها التكنولوجي. فالبحث العلمي يشكل حجر الزاوية لتقدم المجتمع، حيث يسهم في حل مشاكله، فهو القاطرة التي تقود قطار التنمية والتقدم في المجتمعات وبدونها لا تنطلق خطط التطور على أسس علمية سليمة تضمن استدامتها وتحقيقها الأهداف المرجوة منها.

ومن هنا تأتي أهمية مبادرة سمو ولي عهد دبي لتقدّم الدعم والتمويل اللازم ضمن «برنامج دبي للبحث والتطوير» الذي تشرف عليه «مؤسسة دبي للمستقبل» بهدف تنفيذ المشاريع الجديدة والأفكار الطموحة على أرض الواقع في دبي.

أخيراً... لا ريب أن هذا الاهتمام في أعلى مستويات القيادة يضع الباحثين والعلماء والأكاديميين في مكانتهم اللائقة في المجتمع، حيث ينظر إليهم كأنموذج وقدوة للأجيال الشابة، وفي ذلك تقدير يليق بإمارة برهنت دوماً على ترتيب أولوياتها بمنطق سليم وفق رؤية قائد ملهم غرس فكره بجدارة في قلب وعقل ولي عهده بتأكيد «أن لا شيء مستحيلاً».