على الرغم من كونه مدرسة تنهل منها الأجيال، ومُعلماً كبيراً يستلهم رؤاه المبدعون، ما زال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وبتواضعه الجم، وبصيرته النافذة، يواجه الحياة على أنها مدرسة نتعلم منها أعمق دروس الحكمة، وأكثرها إثراءً لتجارب الإنسان وصقل شخصيته، وعلى الرغم من تدوين سموه لكثير من هذه التجارب والخبرات في كتبه الثمينة إلا أنّه ما زال يتواصل مع أبناء شعبه من خلال وسم «علمتني الحياة».
حيث يكتب لهم عصارة فكره وخلاصة خبرته على شكل كلمات مكثفة تختصر الكثير لتقول الكثير، وفي هذا السياق من حرص صاحب السمو على ترسيخ ثقافة الإبداع والريادة والإقدام، وتجفيف منابع الكسل والانتظار نشر تغريدة مكثفة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي تحدث فيها عن فلسفته في مواجهة الحياة وقهر التحديات وصقل مهارة الإنسان، وهي تغريدة تستعيد صدى كلمات رائعة كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن آفة التردد والانتظار في كتابه «تأملات في السعادة والإيجابية».
حيث اقترح سموه أن نبدأ بتغيير نظرتنا لثلاثة أشياء هي على النحو التالي: النظر بإيجابية لقدراتنا وإمكاناتنا وذلك من خلال تعزيز الإحساس بالثقة بالنفس، والكف عن جلد الذات والشعور بالخوف والقلق، داعياً إلى استلهام الماضي الزاهر للأمة العربية حين كانت مسؤولة عن صناعة الحضارة، ثم النظر بإيجابية للمستقبل .
حيث انتقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كمية التشاؤم الكبيرة المختزنة في الذات العربية التي تقف موقف المتفرج على مشهد الإبداع العالمي، ثم وأخيراً التوقف عن الانتظار فهو مخالف لقوانين الكون التي وضعها رب العالمين {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}، فالله سبحانه وتعالى يقول: اعملوا، ولم يقل انتظروا حتى نرسل لكم معجزة، ثم لخص هذا الموقف الناقد لفكرة العجز والانتظار بقوله: «أسوأ شيءٍ نفعله هو أن ننتظر، لأن الانتظار ضياع للسنوات، وفوات للإنجازات».
تأسيساً على هذه الأفكار الريادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نشر تغريدةً تعزز المحتوى السابق الذي ذكره في كتابه قال فيها: «علمتني الحياة أن لا أنتظر أفكاراً من شخصٍ يجيد اختلاق الأعذار» مؤكداً في هذه الكلمات المعدودة المتوهجة بعمق المعنى ووضوحه أن الشخص الذي لا يمتلك العزيمة النافذة والقوة المحتدمة، والرغبة الصادقة في العمل والإبداع لا يمكن أن يكون محلاً للثقة لانتظار أفكاره.
فهو لا يعرف سوى اختلاق الأعذار للتنصل من مسؤولياته التي هي التجسد الحقيقي لشخصيته، فهذا النمط من الأشخاص ليس لهم أدنى اعتبار في ميزان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي جعل مهمته الكبرى هي نشر ثقافة العمل والنشاط والتقدم نحو الأهداف مهما كانت صعبة بكل جسارةٍ وثقةٍ وإحساسٍ صادقٍ بالمسؤولية.
«ولا أنتظر إنجازاً من شخصٍ يجيد تحطيم أفكار الآخرين» وتعزيزاً لما تقدم من القسم الأول من التغريدة يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن هناك أشخاصاً مهمتهم الأساسية هي نشر ثقافة الإحباط وتحطيم العزيمة المتوقدة لدى الآخرين بسبب طبيعة تفكيرهم السلبية، فلا يُعطي الأمل ولا يفجر منابعَ الإبداع إلا إنسان مُفعم الروح بالأمل، قوي الشخصية في القيادة والريادة.
فهذا النمط من الناس هو أيضاً خارج حسابات صاحب السمو الذي أبدع خلال مسيرته في الحكم والإدارة في اصطفاء نخبة النخبة من شابات الوطن وشبابه لكي يكونوا هم فريق عمله الذي يواجه به التحديات، ويُحقق به المستحيل من الإنجازات.
«علمتني الحياة: أن لا أنتظر أحداً، بل أبادر وسيلحقني الآخرون» ثم كانت هذه الخاتمة الرائعة التي تستحق أن تكون شعاراً لكل عقلٍ وشخصية تشعر بقيمتها الذاتية وقدرتها على الإبداع واقتحام الصفوف دون الاعتماد على فكرة المساعدة من الآخرين، وهو ما سطره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في هذه الكلمات العميقة المكثفة، وجسده عملياً عبر مسيرة طويلة في منجزات تؤكد أن هذا القائد الجسور هو من رجال القول والفعل.
وأن أفعاله هي خير دليل على طريقة تفكيره ونفاذ بصيرته، وسداد رأيه، بحيث يمكن القول وبالرجوع إلى مسيرة سموه إن رحلة دبي مع الحياة هي رحلة في مواجهة التحديات، وخلق معادلة عميقة الحضور في ثقافتها خلاصته: لا مستحيل في قاموس هذا الوطن الجميل الذي يستحق أن يظل في المقدمة، يحدوه هؤلاء القادة الشجعان الذين كتبوا اسمه في أجمل صفحات المجد والخلود.