لم يكن أحد يتوقع أن تعيش الشعوب العربية حالة من الفرح وتضحك «هستيرياً»، كما كان الوضع مساء السابع والعشرين من سبتمبر الجاري، ولم يحدث أن اتفقت الشعوب في وطننا الكبير قاطبة على أمر ما، كما حدث في تلك الأمسية، التي كانت استثنائية بكل المقاييس في حياة الناس، ازدادت مع إعلان مقتل أعضاء حزب الله، على رأسهم أمينه العام ومن كان معه.
الأفراح والاحتفالات، أوضحت حجم المعاناة التي تحياها هذه الشعوب، التي تئن وتحيا حالة ربما لم يتمكن الإعلام وغيره خلال سنوات طويلة، من نقلها بواقعية محزنة، بل مؤلمة عن الظلم والمآسي التي تخيم على حياتهم، صغاراً وكباراً، وكذلك الأطفال، ببساطة، لا يعيشون حياة أرادها لهم الخالق، بفعل وجود أحزاب ومنظمات وجماعات، تعمل ضمن «أجندات» خاصة، ومصالح ليس لهذه الشعوب فيها لا جمل ولا ناقة، ولا حتى سخلة.
بل من المفارقات المضحكة، أن يجتمع هؤلاء في جانب من ردود الفعل على ما حدث، التصفيق لمن تمكن من تصفية «المجرمين»، وأخذ بثأر طال أمده، وظلم وأعمال وممارسات داست على العرض والشرف، بل والحياة، وأحالتها جحيماً، وخلفت بينها مئات الآلاف من القتلى والجرحى، هجرت الملايين، ودمرت وحطمت وأحرقت وأضاعت بأفعالها ملامح مدن كانت عامرة بالجمال، آمنة بساكنيها.
حين هيمن البعض على الكل، بث سمومه هنا وهناك، ونبت في أراضٍ كانت خصبة لتلك المؤامرات خونة باعوا الأوطان، وتآمروا عليها ومن فيها، مانحين حبهم وولاءهم لغيره، وما أبشعه من تآمر، وما أقبحها من حقيقة.
نتابع ما يجري هناك وما يحدث حولنا، ولا نقول سوى الحمد لله على نعمة الأمن والاستقرار، والحمد لله أنه لا ولاء لنا بعد الله، إلا لوطن نحيا فيه بكرامة، وقيادة نجد أنفسنا نصب عينيها، لا نلطم ولا ننوح، لا نبكي ولا نحزن، نحيا كما نريد فخراً وعزة، أملاً بمستقبل نسعى إليه، بعيداً عن ولاءات تقسم المجتمعات، وممارسات تؤخر عجلة التنمية، وتوقف مسيرة أريد لها أن تسير بقوة دون توقف، وأهداف لا تتحقق في رحلة الانشغال بالصغائر.
كل الخير نتمناه للإخوة في الوطن العربي، وخلاصاً من تلك الهيمنات نريده في خليجنا، الذي أصبح فيه من لا يخجل من إظهار حبه وولائه لمن لا يستحقهما دون الوطن، واختار أن يغرد خارجه وخارج سربه.