وسام على صدر الوطن

منذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 54 عاماً، كانت المحبّة الصافية هي الأرض التي تُبذر فيها كلّ المناقب والشمائل والأخلاق الكريمة، هكذا أرادها الوالد المؤسس طيب الذكرى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسادةُ النُّجُب الذي وضعوا أيديهم في يده القوية، وعاهدوه أن تظل الإمارات مَحْمِيّةً بالفروسيّة الأخلاقيّة قبل أي نوعٍ من أنواع الفروسيّة، وعلى عهد زايد ونبراسه سار الصِّيدُ الكرامُ من أنجاله، والسادة الفرسان من مُحبّيه ومستلهمي سيرته وكريم أخلاقه، وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ما زال محافظاً على عهد ذلك الوالد الكبير والمعلّم الذي هو بين الرجال بلا نظير، فتفيّأ النّاس من ظلّه أكرم ظلّ، وعاشوا في عهده عيشاً رغيداً وأماناً كريماً جعل القلوب تزداد محبّة لهذه القيادة التي تضع في سلّم أولويّاتها كرامة الإنسان الإماراتي وتسعى بكل جهدٍ مخلصٍ نحو مزيد من الاستقرار والشعور بطيب الحياة على ثرى هذا البلد الطيب المعطاء، فأصبحت الإمارات في عهده الزاهر الميمون نموذجاً للدولة المسؤولة عن راحة شعبها وأمانه، وتحمُّل المسؤولية تجاه مستقبله بجميع تجليّاته، فلم يكن غريباً أبداً أن تظلّ القلوب عامرة بمحبة هذا القائد الفذّ الذي يحتفي الوطن هذه الأيام بذكرى ولادته.

نشأ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في كنف والدٍ كريمٍ وقائدٍ متمرّسٍ جسور، تعلّم منه كلّ مناقب الشجاعة والجسارة والقدرة على إدارة الدولة، وقيادة الجيش، وحمل السيف والقلم في يدٍ لا تعرف الخوف ولا الارتعاش، واليقظة التامة على مصالح الشعب والسَّهر في سبيل راحتهم، وبسط الكفّ من أجل سعادتهم ورحمة ضعيفهم وجبر كسيرهم، والقيام على أمورهم بما يُصلح شؤونهم ويرفع قيمة شعورهم بالانتماء لوطنهم.

وتعبيراً عن هذه المشاعر الصّادقة التي تسكن وجدان الشعب الإماراتي تجاه قائده وراعي مسيرته، كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قصيدة بديعة بمناسبة ميلاد قائد الوطن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، نشرها على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي عبّر فيها عن أعمق مشاعر المحبّة الصافية لهذا القائد الكبير الذي كان ميلاده ميلاد سعد وبشرى لوطنه وأهله الذين أحبوه، وعاهدوه على الوفاء بالعهد الذي قطعه آباؤهم لوالده الباني المؤسّس، فكانت هذه القصيدة هي الوسام الثمين الذي يتزيّن به صدر الوطن في هذه المناسبة الطيبة السعيدة.

إنولد مجد الوطن في إحدَعشْ مارسْ

وابتدا يصعد إلى عالي سماه

واستوى للدار وأهل الدار حارس

وخوّف من الصِّغر عدوان وجناه

بهذه الكلمات المفعمة بالحب والفخر افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، القصيدة التي كتبها احتفاءً بهذا اليوم السَّعيد من أيام الوطن، يوم ميلاد قائد الوطن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الّذي كان ميلاده بزوغ مجد للوطن في الـ11 من مارس عام 1961 في بيتٍ من بيوتات المجد والسؤدد عمادُه شيخ الجزيرة وحكيمها وفارسها الشجاع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ذلكم الفارس الذي انعقد الإجماع على حُبّه في أمم الأرض قاطبة، فقد كان جبلاً من جبال الخير، ومعدناً من معادن العطاء، رحمه الله، وما غادر هذه الدنيا حتى غرس كل هذه المناقب في أبنائه ومحبيه من أبناء شعبه، ولا سيّما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي كان من أقرب رجالات الوطن إلى الشيخ زايد، فانعقدت أواصر المحبّة بين القلوب التي رباها زايد على عينه، وما زالت على هذا العهد الذي ينعكس بكل خيرٍ على الوطن وأهله حين يرون مثل هذه الصفاء النادر بين القادة الكبار للوطن، فها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يكتب هذه القصيدة بمداد الحبّ والوفاء لرئيس الدولة الذي يرى فيه حارساً للدار، وصقراً يهابه الأعداء منذ بواكير شبابه ولا سيّما حين يكون بين صفوف رجال الجيش الذين عاش معهم أجمل سنوات عمره، وضخّ في عروقهم دماء الشجاعة وصدق الانتماء لهذا الوطن الحبيب، فكان بو خالد هو القائد الباني والحارس الذي لا يغفل عن مصالح شعبه والحافظ لكرامتهم وحقوقهم في كلّ الظروف والأحوال.

فارسٍ له سيرته بأخلاقْ فارس

نعمْ بو خالد تميّز في علاه

فيض جوده بحر ما له من مقايس

طوّر بلاده ووصّلها مناه

إنّ الأوطان لا يحميها وينهض بمجدها إلا الفرسان، والقادة الذين يمتلكون أخلاق الفرسان وسيرتهم وهيبتهم ونبلهم، فليست كلّ الفروسية فروسية، فقد تكون القسوة أحياناً على شكل فروسيّةٍ خادعة، ولكن الفروسيّة الحقيقية هي فروسيّة الشجاعة المنبثقة من عين الرحمة، وبهذا تميّز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في مكانته العالية بين القادة الكبار، فضلاً عما عُرف به من طيب النفس وبسط الكفّ بالعطاء وفيض بحر جوده الذي غمر الناس بلطفه وكرمه بحيث غدا بلا نظير يُقاس به بين الرجال، وكان ثمرة ذلك كلّه هو ما شهدته دولة الإمارات من معالم التطوّر الحقيقي في جميع مسارات الحياة في العمران والإنسان.

للثريا رام بكفوفه يلامس

وربّه من الفهم والحكمه عَطاه

للسياسه والحكم فاهم ودارس

بالغٍ في كل شيءٍ منتهاه

له نهنِّي بيوم ميلاده وننافس

مَنْ ينافسنا ونهزم به العداه

إنّ ملامح الفروسيّة في شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد قد جعلت منه قائداً متفرّداً رفيع المقام بين القادة فهو كالثريّا في الرفعة ولو أراد أن يلمس بكفّه ما يحيط بها من النجوم لكان له ذلك بسبب علوّ مكانته في الحياة، فضلاً عما أنعم الله تعالى به عليه من نور الحكمة وملكة الفهم حيث نال منهما حظّاً وافراً عطيّة من ربّه ومولاه، وكانت بصيرته في السياسة وإدارة شؤون الدولة هي أبرز ملامح شخصيته حيث بلغ في فهم الأشياء والأحوال والظروف منتهى الغايات، ولذلك حُقَّ للوطن وأبنائه أن يهنئوه في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، وأن ينافسوا به كلّ من يريد منافستهم، ويهزموه في كل ميادين الحياة.