حينما قرر مجلس الوزراء إنشاء مجلس دائم تحت مسمى «المجلس الأعلى للفضاء»، وأسند رئاسته لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أيقنت مدى إصرار الدولة على المضي قدماً نحو تعزيز موقعها الريادي وتحقيق إنجازات غير مسبوقة في هذا المجال.
هذا الاستنتاج المتفائل لم يولد من فراغ، لكنه مدعوم بمسيرة مظفرة طوال عشر سنوات، ومعزز بما تلاه من خطوات، فبعد أسابيع قليلة من تشكيل المجلس، نظمت وكالة الإمارات للفضاء - لأول مرة في الدولة - «مؤتمر أبحاث الفضاء 2024»، بمشاركة أكثر من 500 أكاديمي وباحث، وعدد من طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
المؤتمر تناول أكثر من 70 ملخصاً بحثياً تضمنت حلولاً مبتكرة للتحديات الرئيسية بهدف تعزيز التعاون في مجال الأبحاث الفضائية وتبادل الرؤى، مع مناقشة أحدث التطورات في القطاع والمشاريع الفضائية، إضافة إلى الإسهام في تطوير حلول مبدعة لمواجهة التحديات العلمية والتكنولوجية في هذا القطاع الحيوي.
كما شاركت الإمارات في إطار جهودها لتعزيز مجتمع الفضاء الدولي هذا الأسبوع في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية بمدينة ميلان الإيطالية، حيث استعرضت أحدث إنجازاتها، وسلطت الضوء على المشاريع الرائدة والتقنيات المبتكرة والتزامها الراسخ باستدامة استكشاف الفضاء.
وسلطت وكالة الإمارات للفضاء، إلى جانب الشركات الوطنية الرائدة، الضوء حول أحدث التطورات في قطاع الفضاء الإماراتي، ودور الدولة في تشكيل وقيادة مستقبل الفضاء وتحقيق تأثير عالمي.
عودة إلى المجلس الأعلى للفضاء ووفقاً لقرار تأسيسه سوف يختص بتحديد الأولويات الوطنية للدولة في القطاع والتقنيات المستهدفة بما يضمن السيادة التكنولوجية للدولة، وأولويات الاستثمار والاستحواذ للقطاعين العام والخاص العاملة في مجال الفضاء وأنشطتها.
ولإنعاش الذاكرة، فإن عشر سنوات مرت منذ دخول الإمارات المجال الفضائي حافلة بالإنجاز والتميز، بدأ المشروع بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء 2014، وأعقبه تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء في 2015، وفي 2017 أطلقت الدولة برنامج الإمارات لرواد الفضاء، وفي أكتوبر 2018 تم إطلاق «خليفة سات»، ليتواصل الإنجاز، وفي عام 2019، أصبح هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي يصل إلى محطة الفضاء الدولية.
ثم كان الموعد مع القفزة الكبرى في يوليو 2020 عندما تم إطلاق «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، ليكون أول مهمة عربية وإسلامية إلى الكوكب الأحمر بهدف استكشافه، ما عزز من حضور الإمارات على الساحة الدولية كقوة علمية وبحثية. هكذا يبدو جلياً أن القيادة الحكيمة في دعمها اللامحدود لقطاع الفضاء تنظر إليه كأحد مشاريعها الوطنية الكبرى بهدف تعزيز تنافسيتها في الصناعات الفضائية.