منذ نشأة هذه الدولة الزاهرة، كان الإنسان هو الوسيلة والغاية والرهان، وإن الناظر في مسيرة هذا الوطن يرى حجم الاهتمام الحقيقي بالإنسان روحاً وعقلاً وأخلاقاً وموهبةً وإحساساً.
فالقادة المؤسّسون كانوا يعلمون أن الأوطان لن تتقدم بمجرد العمران بل لا بدّ من نهضة مواكبة تهتم بالإنسان، وعلى خطى هؤلاء القادة الكبار سار القادة الذين حملوا لواء الوطن، ووضعوا نصب أعينهم أن يظل الإنسان هو قلب الحياة النابض ورهانها المضمون.
في مبادرة هي الأكبر على مستوى العالم، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة «تحدّي القراءة العربي» عام 2015/2016 م.
ومنحها من الرعاية المباشرة ما جعلها واحدة من أبرز الأحداث التي تزدان بها دبي في كل عام حين تحتضن فعاليات النتائج النهائية لكل عام مع توزيع الجوائز الكبرى للفائزين، مرسّخاً بهذا الإنجاز الكبير واحداً من أروع التقاليد الثقافية العربية المعاصرة، وراسماً البسمة على وجوه الملايين من أبناء العروبة الذين اندفعوا بشغف عجيب نحو هذا التحدي الذي استخرج منهم أفضل الطاقات وعزّز فيهم نوعاً فريداً من حب القراءة والثقة بالنفس.
لتكون هذه المبادرة المتميزة واحدة من أثمن ما قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لهذه الأجيال الصاعدة، حيث يرعاهم بقلبه وشخصه، ويتابع بفرح صادق ما يراه من هذا الاندفاع الذي يبهر النفوس ويسحر الألباب.
حيث يقترب عدد المشاركين في هذا التحدي من ثلاثين مليوناً، وهذا إنجاز سيظل في ذاكرة الأجيال التي تستلهم خُطى هذا القائد الفذّ الذي ما زال مُلهماً لنا في التفكير الريادي الذي يتمّ من خلاله صقل الإنسان، وتنمية قدراته، وإثراء خبراته.
واحتفاءً بفعاليات الدورة الثامنة لتحدّي القراءة العربي نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تغريدة مفعمة بالفخر بما تم إنجازه خلال المسيرة المظفرة لهذه المبادرة.
مؤكداً على مواصلة الدعم لهذه الأجيال التي تُعبّر عن شغفها بالمعرفة من خلال المشاركة الفاعلة في هذه المبادرة التي أحيا بها سموه واحداً من أثمن التقاليد الثقافية للإنسان العربي، ذلك الإنسان الذي اختاره الله تعالى لصناعة تاريخ جديد للإنسانية حين كلّفه بكلمة: اقرأ.
«اختتمنا اليوم الدورة الثامنة لتحدّي القراءة العربي، أكبر مشروع للقراءة في العالم، بمشاركة 28 مليون طالب من 50 دولة»، بهذه النبرة الفخورة يفتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه التغريدة التي كتبها احتفاءً بهذا اليوم المجيد من أيام الوطن.
فهذه المبادرة تُسجّل نجاحاً بعد نجاح، وها هي تجتاز عامها الثامن بكل هذا الألق والتفوق، وتُرسّخ موقعها كأكبر مسابقة للقراءة في العالم، ويتعزّز ذلك بهذه الجغرافيا الواسعة التي تغطي خمسين دولة، وتضمّ بين فرسانها ثمانية وعشرين مليوناً من عشّاق الحرف والكتاب.
«فرحتنا بتدافع الشباب العربي بالملايين نحو القراءة تدفعنا للتفاؤل رغم جميع الظروف، واستثمارنا في القراءة هو استثمار في العقل العربي وفي الوعي العربي وفي مستقبل الشباب العربي»، في هذا المقطع من هذه التغريدة يُفصح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن مشاعر الغبطة والسعادة التي تغمره.
وهو يرى هذا التدافع غير المسبوق من الشباب العربي نحو فعل القراءة الذي يعيد اكتشاف الذات والانطلاق نحو آفاق جديدة، مؤكداً أن هذه الرعاية للشباب العربي هي أفضل أنواع الاستثمار في العقل العربي، وأشرف أنواع الدعم للوعي العربي تأسيساً للمستقبل المشرق للإنسان العربي.
«مبروك للطلاب الناجحين وأبطال الدول من الأوائل: سلسبيل حسن من فلسطين الحبيبة، وحاتم التركاوي من سوريا الشقيقة، وكادي بنت مسفر من المملكة العربية السعودية الشقيقة، ونبارك لمدرسة الإبداع من دولة الإمارات أيضاً».
وتأكيداً على عمق هذه الرعاية من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يتقدّم بمشاعر التهنئة من الفائزين بالمراكز المتقدمة من بعض الدول العربية الشقيقة:
فلسطين وسوريا والمملكة العربية السعودية، مع مباركة خاصة لمدرسة الإبداع الإماراتية التي فازت بالمركز الأول من بين 229 ألف مدرسة تقدّمت للمسابقة، ليختم صاحب السمو هذه التغريدة الوثيقة قائلاً: «ونقول لجميع المشاركين: استمرار شغفكم بالمعرفة، هو استمرار لشغفكم بالحياة والمستقبل، وقادمكم جميعاً أفضل وأعظم بإذن الله».
وبلفتة كريمة خاصة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تلطّف سموه بزيارة مدرسة الإبداع الحكومية تكريماً لجهدها الكبير الذي استحقّت به الفوز بالمركز الأول بين عدد هائل من المدارس، ونوّه بفريق العمل من خلال تغريدة رائعة المحتوى أشاد فيها بهذا الفريق المتميّز حين قال:
«فريق عمل المدرسة عمل من خلال 48 مشروعاً على تعزيز القراءة في الطلاب، حيث أنجز الطلاب في عام واحد قراءة 25 ألف كتاب، وأكمل أغلب الطلاب خمسين كتاباً خلال العام الدراسي».
وتعزيزاً لهذه الروح الإيجابية في الحياة الثقافية حثّ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على نشر هذا النوع من السلوك الثقافي المتحضر حين قال: «هذا ما نريده في جميع مدارسنا، نريد صناعة طلاب واعين، قارئين، مثقّفين، قادرين على التعلّم المستمر، والقراءة الدائمة، جيل قادر على مواكبة العلم ثقافياً ومعرفياً، وقادر على صنع مستقبل أفضل للجميع»، لتكون هذه الكلمات نبراساً يضيء الطريق أمام هذه الأجيال المندفعة نحو القراءة وتثقيف الذات بكل حُب وشغف وإصرار.
ولأن لكل مشروع قادته الشجعان، فلم ينسَ سموه أن يُقدّم شكراً خاصاً لفريق عمل المدرسة بقيادة المعلمتين المتميزتين: ليلى المناعي مديرة المدرسة، وآمنة الشحي مشرفة القراءة، اللتين كان لهما ولفريق عمل المدرسة المتميّز أكبر الأثر في تحقيق هذا الإنجاز المشرّف الذي يُضاف إلى سجلّ هذه المدرسة الوطنية المرموقة.