مهنة الصيد.. ومكرمة حمدان بن محمد

منذ تاريخ طويل ارتبط الصيد بمنطقة الخليج العربي والساحل المتصالح.. فكان هو نافذة سكان المنطقة على العالم الخارجي..

ويعتبر الصيد مصدر الرزق الوفير سواء من الأسماك المتنوعة التي تزخر بها مياه الخليج أو من اللؤلؤ الذي كان عماد الاقتصاد سابقاً حتى الكساد الكبير، وظهور اللؤلؤ الصناعي الذي أدى إلى انهيار تجارة اللؤلؤ الطبيعي في المنطقة، لذلك كان من الطبيعي أن يبرع سكان المنطقة في بناء السفن التي تمكنهم من ارتياد البحر.

ويعتبر الصيد كذلك من مكونات التراث الإماراتي البارزة التي مازالت حاضرة في المجتمع، وتراث الصيد في الإمارات، كما يعرفه الباحثون والمختصون الإماراتيون في هذا الشأن من أدباء ومؤرخين يتضمن الكثير من الأدوات والمهارات التي مازالت مستخدمة إلى اليوم.

رغم التقدم التكنولوجي الذي ترك بالطبع بصمته على حرفة الصيد وساهم في تطوير نظمه، ولكن أصل الحرفة التي يدركها نواخذة البحار القدماء يحمل بصمة الأجداد؛ الذين كانوا أدرى الناس بالبحر وطرق الصيد وأنواع الأسماك التي تسكن في الأعماق سواء تلك التي تستوطن مياه الإمارات طوال العام أو الأنواع المهاجرة التي تتوافر بكثرة في بعض المواسم..

وفي «دبي» سابقاً كان الصيادون يعانون التعب والإنهاك، وكان على الصياد أن يبذل الكثير من الجهد لسحب القارب إلى اليابسة، وهي عملية أصعب من الإنزال إلى الماء نتيجة لارتفاع مستوى الأرض عن البحر، ولكن هذه المشقة انتهت بفضل القرار الذي أصدره الباني المؤسس المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله ببناء مرافئ للصيد في:

جميرا ببر دبي، والحمرية ببر ديرة، وذلك من أجل التسهيل على الصيادين وتقديراً لجهودهم، وبالفعل جاءت هذه الخطوة لتخفف عن الصيادين عبئاً كان ثقيلاً على عاتقهم، وتأكيداً للنهج الإنساني الأخلاقي للمؤسس الباني راشد، طيب الله ثراه.

وبتوجيهات من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي، أمر سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بصرف مبلغ (27) مليون درهم كمكرمة مالية تمنح للصيادين في إمارة دبي.

وتهدف المكرمة لدعم الصيادين الداعمين لمهنة الصيد الحرفي التقليدي، إسهاماً في تعزيز وتنظيم عمليات الصيد المستدام وزيادة المخزون السمكي للإمارة!

حيث أعرب صيادون في دبي لـ «البيان» عن سعادتهم واعتزازهم بالمكرمة التي أمر بصرفها سموالشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، للصيادين في الإمارة، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واعتبروها امتداداً للعطاء السخي والمتواصل الذي يحظى به الصيادون في إمارة دبي.

ودافعاً للارتقاء بمهنة الصيد وتعزيز دور الصيادين في المجتمع، مشيرين إلى أن هذه المكرمة ليست بغريبة على القيادة الرشيدة التي تحرص على دعم القطاعات كافة، وتقديم سبل الدعم لإحياء مهن الآباء والأجداد والحفاظ عليها من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي..!

حيث إن المكرمة تشجع الصيادين على تبني طرق «الصيد المستدام التقليدي»، التي تسهم في الحفاظ على الثروة السمكية وموائلها.

كما أن الدعم المتواصل يحفز الصيادين على الالتزام بالأساليب المستدامة في عمليات الصيد والالتزام بالقوانين والتشريعات المنظمة لمزاولة المهنة، ما انعكس إيجاباً على المخزون السمكي والموائل الطبيعية الحاضنة للأنواع المختلفة !.

ومما لا شك فيه أن المكرمة سيكون لها انعكاس مادي ومعنوي لدى الصيادين.. الذين يشعرون بالحرص المباشر والمتابعة من قبل القيادة الرشيدة التي تقف بجانبهم لتذليل التحديات التي تواجههم خلال ممارسة مهنة الصيد التقليدي كونها من أوائل المهن التي عمل فيها الإنسان الإماراتي.

فهي مؤكداً تعد جزءاً لا يتجزأ من الموروث والعادات الأصيلة كما أنها تعد من الحرف التقليدية المهمة في حياة المجتمع الإماراتي لكونها أصبحت تشكل ثروة قومية تراثية متوارثة أباً عن جد.. ومرجعاً مهماً للأجيال القادمة.
كاتبة إماراتية