يأتي اليوم العالمي للمدن هذا العام ليؤكد دور الشباب ليكونوا صناع تغيير حقيقيين في مواجهة التحديات البيئية، التي تواجه مدننا، ففي ظل تسارع وتيرة التغيرات المناخية، وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية، يبرز دور الشباب كشركاء أساسيين في بناء مدن مستدامة ومرنة.
يركز اليوم العالمي للمدن 2024 على الدور المحوري للحكومات المحلية، والشباب في الدعوة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات جريئة، لمعالجة أزمة المناخ في المدن، وذلك تحت شعار «صناع تغير المناخ الشباب: تحفيز العمل المحلي من أجل الاستدامة الحضرية».
بحلول عام 2030 من المتوقع أن يعيش ما يقرب من 60 % من الناس في المناطق الحضرية، وستكون أعمار 60 % من سكان تلك المناطق الحضرية تحت سن 18 عاماً، أي أن أغلبية قاطني المدن سيكونون من فئة الشباب، الذين هم عماد المستقبل، وهم الأكثر تأثراً بتداعيات تغير المناخ. وفي نفس الوقت لديهم طاقة إبداعية هائلة، ورغبة عارمة في إحداث تغيير إيجابي. هم من يمتلكون الأدوات والمعرفة اللازمة لفهم التحديات المعقدة التي تواجه مدننا، وهم على استعداد لتبني حلول مبتكرة ومستدامة، لمواجهة التحديات البيئية. هم القادرون على بناء مدن المستقبل الذكية والمستدامة،
ولكن كي يستطيع الشباب القيام بمثل هذه المهمة يجب على المجتمع مساعدتهم، وتوفير البيئة الداعمة التي يحتاجون إليها.
يجب أن نصغي إلى مقترحاتهم وآرائهم، وأن نتيح لهم الفرص للمشاركة في صنع القرار، كما يجب أن نوفر لهم البرامج، التي تمكنهم من تطوير مهاراتهم وقدراتهم للإسهام في مساعي بناء مدن مستدامة، فعلى الرغم من امتلاك الطاقات والإمكانات يواجه الشباب العديد من التحديات، وعلى رأسها فرص التمويل، وتطوير الحلول، وتجربة الابتكارات، التي تسهم في تحقيق أهداف الاستدامة الحضرية على أرض الواقع.
في مدينة إكسبو دبي نعمل وفق قناعة بأن التعاون والعمل المشترك هو السبيل لبناء مدينة مستدامة تعنى بالإنسان وبيئته معاً، ومنذ انطلاق العمل على تنظيم إكسبو 2020 دبي كانت توجيهات قيادتنا جلية بجعل الشباب في قلب إكسبو وإرثه، ومع تحولنا إلى مدينة نابضة بالحياة فإن الشباب والاستدامة يمثلان ركيزتين أساسيتين في كل ما نقوم به. ونعمل بناء على رؤية تدعم الشباب، وتعزز الوعي بقضايا البيئة والاستدامة، وتشجع الجميع، وعلى رأسهم أجيال المستقبل للإسهام في التعامل مع التحديات التي تواجه مستقبل الإنسان والكوكب، كما نعمل على بناء شراكات مع المؤسسات التعليمية والجهات العامة والخاصة والمنظمات الرسمية وغير الحكومية، لتوسيع نطاق هذه الجهود، وتعظيم أثرها إلى أقصى حد ممكن.
يتصدر هذه الجهود برنامج إكسبو للمدارس، والذي انطلق مع التحضير لاستضافة إكسبو، وكان أحد أبرز البرامج أثناء انعقاد الحدث العالمي، ويستمر مع تحول مدينة إكسبو إلى قلب مستقبل دبي، ويعمل البرنامج على إشراك طلاب المدارس في تجارب ملهمة، تعزز وعيهم بقضايا الاستدامة، وتحثهم على اتخاذ الخيارات الصحيحة، لضمان صنع مستقبل أفضل لهم وللعالم أجمع، وذلك عبر جولات زيارات ملهمة وفعاليات وورش عمل تحفز على التفكير والعمل والابتكار لما فيه مصلحة البشر والبيئة، وحتى اليوم عملنا على استقبال وإلهام 1.3 مليون من طلبة المدارس، فضلاً عن دور المجلس العالمي لأجيال المستقبل في تمكين الطلبة لقيادة المحادثات العالمية حول المواضيع الحيوية، التي تشكل مستقبلنا.
كما تستمر مؤسسة مدينة دبي في رحلة إكسبو لايف الاستثنائية، وتقوم على إرثها الحافل بالابتكار والشراكات المثمرة، التي تسهم في إحداث التغيير الإيجابي على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتتمثل رسالتها الجوهرية في مواصلة العمل على ربط الأفراد بالأفكار والموارد، سعياً نحو تحقيق مستقبل عادل ومستدام وملهم للجميع.
ونعمل في مدينة إكسبو دبي على تعزيز الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات، كما يرحب المختبر الحضري في مدينة إكسبو دبي بالمبتكرين الشباب لاختبار ابتكاراتهم في بيئة المدينة الحضرية على أرض الواقع، وفي حال نجاحهم يمكن تقديم الدعم لهم لتطوير مشروعهم، وإبرام الشراكات مع الشركات الكبرى، ونشره على نطاق واسع.
الشباب هم الأمل في بناء مستقبل مستدام لمدننا. إنهم يمتلكون الطاقة والإبداع والرؤية اللازمة لتحقيق هذا الهدف. علينا أن نمنحهم الثقة والدعم اللازمين لكي يضطلعوا بدورهم القيادي في هذا المجال، فباستثمارنا في الشباب نستثمر في مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة. دعونا جميعاً نعمل معاً لبناء مدن مستدامة ومرنة، مدن تحترم البيئة، وتضمن رفاهية الإنسان.