أدى النفط دوراً محورياً في مرحلة البناء والتحولات الكبرى حينما كانت دولة الاتحاد تتلمس أولى خطواتها على طريق البناء والتقدم مطلع السبعينيات من القرن الماضي، لكن القيادة الحكيمة منذ وقت بعيد أيقنت أن التخطيط للمستقبل يحتاج للبحث عن بدائل فعلية يمكن الاعتماد عليها لمواصلة عملية التقدم بما يواكب العصر وأدواته التكنولوجية الحديثة، فتوجهت بوصلة التنمية نحو الاستثمار في مجالات حديثة كالطاقة بأنواعها المتعددة، سواء الشمسية أو النووية، والتوسع في إقامة المشروعات في مجالات البنية التحتية، كالطرق والمرافق الصحية وتجارة التجزئة، إضافة إلى الأنشطة السياحية وإقامة المشاريع الجاذبة لملايين السياح من كل أرجاء العالم.
تعكس لغة الأرقام استراتيجية القيادة في إدارة دفة الأمور ورؤيتها لإحداث نقلة نوعية كبيرة في اقتصاد الدولة دون الاعتماد على الثروة النفطية وحدها. ووفقاً للغة الأرقام، فقد قل الاعتماد على الصناعات الاستخراجية، التي تشمل النفط الخام والغاز الطبيعي في اقتصاد الإمارات من 25.3% في الربع الأول من العام الماضي 2023، إلى 24.8% في الربع الأول من العام الجاري، في حين سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة، في الفترة ذاتها أكثر من 430 مليار درهم بنمو 3.4%، محققاً نمواً قدره 4% مقارنة بالعام الماضي.
لسنا بحاجة إلى تقديم دليل على ما نقول، فالشواهد على أرض الواقع أكثر من أن تعد، خاصة ما يتعلق بالمجال السياحي الذي شهد طفرة كبيرة في ضخامة المشروعات وتنوعها في كل أنحاء الدولة.
ففي دبي وحدها على سبيل المثال، شهد القطاع الفندقي نمواً متسارعاً في عدد المنشآت والوحدات الفندقية على مدار العقدين الماضيين، بما يعكس زيادة الطلب على الإقامة السياحية والنمو المستمر في الإمارة، الأمر الذي عزز من طاقتها الاستيعابية وأسهم في ترسيخ مكانتها وجهة سياحية عالمية ومركزاً لجذب الاستثمارات الفندقية، حيث بلغت نسبة النمو في عدد المنشآت الفندقية من عام 2005 إلى 2024 نحو 103.2%، في حين وصلت نسبة النمو في عدد الوحدات الفندقية (الغرف والشقق) إلى 297.2 %.
ولا يمكن بالطبع إغفال استضافة الإمارة للأحداث والمؤتمرات الدولية ذات السمعة العالمية، مثل معرض إكسبو 2020، فقد كان لهذه الأحداث العالمية صدى كبير في الترويج لدبي وإبراز قدرتها على استقطاب أهم الفعاليات وتنظيمها باحترافية عالية، حيث أسهمت تلك الأحداث الدولية الكبرى في تعزيز القطاع الفندقي ودعم النمو المتسارع في عدد المنشآت والوحدات الفندقية.
من المهم الإشارة إلى أن هذا الإنجازات قامت على تحقيقها العديد من الجهات والمؤسسات بما قدمته من دعم لوجستي، وما أطلقته من مبادرات خلاقة شكلت عنصر جذب كبيراً، وأسهمت بدور حيوي في تعزيز جاذبية الإمارة بوصفها وجهة سياحية عالمية رائدة تتفوق على كبريات المدن، مثل لندن وباريس.