هل الأفضل إحالة الشركات التي تراكمت خسائرها مستهلكةً رأسمالها بالكامل أو الجزء الأكبر منه إلى التقاعد؟ أم يستحسن منحها فرصة أخرى عبر عمليات إعادة الهيكلة وزيادة رؤوس الأموال لإطفاء الخسائر كما يحدث حالياً مع أكثر من شركة مدرجة في أسواق الأسهم المحلية؟

وهل الأفضل استخدام حصيلة اكتتابات زيادة رؤوس الأموال في إنشاء كيانات جديدة بأسماء مختلفة، أم الإبقاء على الشركات الخاسرة واستغلال اسمها التجاري الذي مازال يمثل عاملاً جاذباً للكثيرين، وتقدر قيمته - في بعض الحالات- بمئات الملايين؟

في الأسواق الحرة المفتوحة من الطبيعي أن تشتد المنافسة، وأن تتعرض الشركات لخسائر، خصوصاً إذا لم تكن لديها المرونة المالية والإدارية الكافية للتعامل من الظروف والأزمات المختلفة، وذاكرة العالم زاخرة بأسماء شركات عملاقة كانت ملء السمع والبصر في عصور وأوقات سابقة، ثم اختفت بعدما فقدت القدرة على مواكبة التطورات والتعامل مع الواقع الاقتصادي المتغير يوماً بعد يوم.

ومحلياً، يبدو أن المساهمين في الشركات التي تراكمت خسائرها حتى تآكل رأس المال، فضلوا ضخ مزيد من الأموال للحفاظ على استثماراتهم القائمة بعدما تبخر أغلبها بنسب وصلت في المتوسط إلى 75 %، وهو حل رغم كونه محفوفاً بالمخاطر، إلا أنه حظي بقبول الأغلبية في الجمعيات العمومية الطارئة التي انعقدت أخيراً للموافقة على خطط إعادة هيكلة تراهن في أغلبها على تحسن ظروف السوق، بقدر أكبر من الرهان على تمتع الشركات بالمرونة اللازمة لبقائها في المنافسة وعودتها إلى الربحية، ويعود ذلك في الجزء الأكبر منه إلى وجود إجماع على أن ضخ الأموال في الشركات الخاسرة أقل ضرراً من تعرضها للإفلاس.

إن منح الشركات الخاسرة فرصة أخرى أمر جيد في ظل وجود عدة نماذج نجحت عمليات إعادة هيكلتها خلال السنوات الأخيرة، ولكن السؤال الأهم: ماذا لو عادت هذه الشركات إلى تسجيل خسائر متراكمة في المستقبل، هل ستجد حينها مساندةً من المساهمين؟

إذاً يجب أن يكون رهان هذه الشركات فور إتمام عمليات الهيكلة وإطفاء الخسائر على خططها التشغيلية بما يضمن تعظيم الإيرادات وخفض النفقات والتمتع بالمرونة المالية والإدارية اللازمة لمواكبة ظروف السوق، وإلا فإنها لن تجد من يساندها إذا تراكمت خسائرها مرة أخرى.