ما المنطق في أن يدفع مستثمر 20 فلساً لشراء حقوق الاكتتاب في شركة، ثم يدفع درهماً عن كل سهم للمشاركة في الاكتتاب، لتبلغ التكلفة الإجمالية 120 فلساً للسهم الواحد، بينما يمكنه أن يشتري السهم مباشرة من السوق بنحو 70 فلساً، أو أكثر قليلا؟
هذا ما حدث في الأسواق المحلية الأسبوع الماضي عند طرح حقوق الاكتتاب في زيادة رأسمال شركة «أرابتك»، ويستحق الأمر التوقف أمامه بالبحث والتدقيق لمعرفة طبيعة هذا السلوك المضاربي العشوائي الذي اتبعه بعض المتداولين في السوق.
وبطبيعة الحال لا يمكن توجيه اللوم إلى الشركة، لأنها اتبعت أفضل ممارسات الشفافية والإفصاح في ما يخص الإعلان عن تفاصيل الاكتتاب في زيادة رأسمالها، وما سيتبعه من خطة لإعادة الهيكلة وإطفاء الخسائر وتوقعاتها الواضحة بخصوص العودة إلى الربحية بفضل حجم المشاريع التي حصلت عليها والمقدرة بنحو 17 مليار درهم.
ورغم أن تداول حقوق الاكتتاب حديث العهد في الأسواق المحلية، ولكن التجارب القليلة السابقة قبل «أرابتك» لم تشهد مثل هذا السلوك المضاربي غير المدروس، ما يؤكد أن الأمر لم يحدث بسبب نقص المعلومات أو ضعف التوعية لدى المستثمرين، وهو ما يبرئ ساحة إدارة السوق والجهات المعنية، خصوصاً أن التداول على الحقوق تم وفقاً للقواعد المتعارف عليها والمعلنة سابقاً.
واللافت أن أسعار التداول على الحقوق وصلت لذروتها في أول يومي تداول متخطية 21 فلساً لكل حق، قبل أن تهبط بحدة في الأيام التالية وصولاً إلى 6.6 فلوس في إغلاق الخميس أي قبل يوم عمل واحد من إغلاق التداول اليوم، وهو ما يشير إلى دراية من أشعلوا المضاربات بمدى المبالغة في أسعار التداولات الأولية.
إن ما حدث يستحق نظرة من الجهات الرقابية، والبحث عن أساليب مبتكرة للتعامل مع مثل هذه المضاربات العشوائية، التي يروح ضحيتها صغار المساهمين الذين ما زالت الغالبية العظمى منهم لا تعرف إن كان عليها الاستثمار في هذه الحقوق للاكتتاب بمزيد من الأسهم أم شراء الأسهم من السوق بالأسعار المخصومة، أو بالتخلص مما لديهم من أسهم.
وفِي وسط الآراء المتضاربة والمعلومات المشوشة بهذا الشأن، نتمنى أن تخرج جهة محايدة لتوضيح أفضل الخيارات المتاحة لصغار المستثمرين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في موقف لا يحسدون عليه.