ما الذي يدفع صانع القرار في الدوحة إلى الاستمرار في هذه المجازفة الخطيرة بثروات ومقدرات الشعب القطري، معادياً محيطه الطبيعي من الأشقاء والشركاء التجاريين الأكثر قرباً؟.

على ماذا يراهن بعناده الذي أفقد الاقتصاد القطري سمعته الدولية، بعد أقل من أسبوع على قرار المقاطعة، وما ترتب عليه من تخفيض التصنيف الائتماني السيادي، وتدني الريال مقابل العملات الدولية الرئيسة إلى مستويات غير مسبوقة، وانهيار سوق الأسهم، وصولاً إلى استحقاقها لقب الأسوأ أداءً في العالم منذ مطلع العام، ناهيك عن ارتفاع تكلفة التأمين على الديون إلى مستويات قياسية، واهتزاز الجاذبية الاستثمارية، وصولاً إلى تراجع أسهم الشركات العالمية الكبرى التي تستثمر في قطر؟.

هل يبدو متخذ القرار في الدوحة، أياً كانت توجهاته أو أغراضه المعلنة والخفية، مهتماً بالآثار الاقتصادية المترتبة على إصراره على شق الصف الخليجي، وخرق الإجماع العربي حيال قضايا مصيرية، تتعلق بمستقبل شعوب هذا الجزء من العالم، أم أنه مستعد للمقامرة بكل شيء، بعدما انكشف المستور، وأصبح غير قادر على المناورة والالتفاف والتحايل، كما فعل طوال سنوات طويلة مضت؟.

ربما لا يتسع المجال هنا لرصد كم المخاطر الاقتصادية الناجمة عن استمرار متخذ القرار القطري في معاداة محيطه الطبيعي، والارتماء في أحضان دول اشتهرت تاريخياً بأطماعها التوسعية، ورغبتها في الهيمنة على كل ما تطوله، ولكن المثير للتساؤل حقاً هو، ما الذي يدفع صاحب القرار في الدوحة إلى هذا التصعيد، الذي يفقد قطر، الدولة الخليجية العربية الصغيرة مساحة وسكاناً، عمقها الاستراتيجي وعلاقاتها التجارية والاقتصادية والاستثمارية مع أقرب الأقربين من أشقائها الخليجيين، إلا إذا كانت السلطات الحاكمة حالياً في قطر، تخوض المعركة التي وهبت لها نفسها قبل سنوات طويلة، ولذا، تستخدم كل الأسلحة المتاحة، مقامرةً بكل شيء؟.

إن لعب دور الضحية صاحبة المظلومية لن يفيد، فقرارات المقاطعة التي تتالت من الدول الأكثر تضرراً من الممارسات القطرية الخفية، ما هي إلا حق من حقوق السيادة، تكفله القوانين والأعراف الدولية، ولا تعدو كونها محاولة لإعادة الشقيق الأصغر إلى جادة الصواب، بعدما أضرت ممارساته الصبيانية ومراهقته السياسية بمقدرات ومستقبل أشقائه الكبار، من دون عائد يذكر سيحظى به، إلا البحث عن دور قيادي مزعوم، لن يناله أبداً، وفقاً لمعطيات التاريخ والجغرافيا والمنطق، ومهما أنفق من أموال.