ليس من السهل إقناع دافعي الضرائب بأن لها فوائد، ولكن هذه هي الحقيقة فمن الطبيعي أن ينظر المستهلكون إلى الضرائب على أنها أعباء جديدة تزيد من فواتيرهم وتضغط على ميزانياتهم وخصوصاً في مجتمع لم يألف هذا النوع من السياسات المالية.
مطلع أكتوبر سيبدأ تطبيق الضريبة الانتقائية على سلع توصف بأنها ضارة بالصحة مثل التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة ونظيراتها الغازية المحلاة ومع مطلع 2018 ستكون هناك خطوة أشمل ببدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة وربما يكون هذا التدرج جيداً لتهيئة المجتمع وزيادة وعيه بأغراض وآليات هذين النوعين من الضرائب.
وللتغلب على ما يمكن وصفه بـ«حالة الضبابية» بشأن هاتين الضريبتين وأغراضهما وآليات عملهما فإن الهيئة الاتحادية للضرائب عليها دور كبير في التواصل المباشر مع المجتمع والمستهلكين للرد على استفساراتهم وأسئلتهم ومخاوفهم.
ومن المهم التأكيد على أن استحداث نظام ضريبي في الدولة يستهدف الانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مرحلة جديدة أكثر نضجاً تزيد فيها قدرته على النمو المستدام بعيداً عن مفهوم الدولة الأبوية أو الدولة الراعية التي تتكفل بكل شيء.
وبالطبع فإن الإيرادات الناتجة عن الضريبتين والمقدرة بنحو 22 مليار درهم في السنة الأولى للتطبيق بواقع 15 ملياراً للمضافة و7 مليارات للانتقائية سوف يعاد ضخها في أوصال الاقتصاد عبر مشاريع بنية تحتية وخدمات حكومية وهو ما ينعكس على المزيد من جودة الحياة في دولة يوصف سكانها بأنهم الأسعد عالمياً.
كما ستساهم هذه الإيرادات في تعزيز الاستقرار المالي من خلال تنمية الإيرادات الحكومية عبر مصدر دخل مستدام يساهم في ضمان استمرارية توفير الخدمات الحكومية عالية الجودة في المستقبل.
ويساهم النظام الضريبي المستحدث في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على خلق المزيد من الوظائف إما بشكل مباشر لأن آلاف الشركات المنضوية تحت هذا النظام ستكون بحاجة إلى موظفين لإدارة حساباتهم الضريبية أو غير مباشر لأنه سينتعش نشاط المحاسبة الضريبية عبر إنشاء مكاتب وشركات متخصصة.
ومن المعروف أن أي وظيفة جديدة يخلقها الاقتصاد تفيد فئات المجتمع وبهذه الطريقة تدور عجلة النمو بإيجابية ليستفيد منها الجميع.
إن الأمر يحتاج إلى خطط لنشر الوعي الضريبي في المجتمع وصولاً إلى كل الفئات المستهدفة ليعلم الجميع أن ما سيدفعه كضريبة سوف يعود عليه بالنفع لاحقاً.