اليوم، ومع تفعيل النظام الضريبي في الدولة لأول مرة عبر تطبيق الضريبة الانتقائية، يدخل الاقتصاد الوطني مرحلة جديدة من النضج والنمو المستدام.
وعلى الرغم مما يتردد من كون حملات التوعية الضريبية التي سبقت تفعيل النظام لم تكن كافية - في رأي البعض- لتهيئة المجتمع بالشكل اللازم لهذا المتغير المهم في الحياة اليومية للمستهلكين، إلا أن التدرج في التطبيق بالبدء بـ"الانتقائية" ثم تفعيل ضريبة القيمة المضافة -التي توصف بالأكثر تعقيداً- مطلع العام المقبل، ربما يعالج هذا الوضع لاحقاً.
وفي ظل الإجماع على كون تطبيق الضريبتين لن يؤثر في المكانة العالمية للدولة كملاذ آمن للاستثمارات الباحثة عن فرص، كونهما مفروضتين على الاستهلاك وليس على الدخل أو الأرباح الرأسمالية، يبقى من المهم زيادة الجرعة التوعوية من جانب الجهات المعنية بالآثار المترتبة على تفعيل النظام الضريبي في الدولة لتعزيز المشاركة المجتمعية في هذا التغير المهم.
ومن المعروف أن الأنظمة الضريبية المستقرة تمثل عاملاً مهماً للاقتصاد الوطني، إذ يساعد ذلك على العمل في بيئة يمكن التنبؤ فيها بكيفية التعامل الضريبي مع الصفقات والمعاملات. كما أن الطريقة التي يتبعها النظام الضريبي في تحصيل وإدارة المستحقات تؤثر في الخاضعين للضريبة من حيث الوقت اللازم للامتثال والتكاليف المترتبة على ذلك الوقت.
ويُوصف النظام الضريبي في دولة الإمارات بالأقل في العالم من حيث المتطلبات، وذلك وفقاً لأحدث نسخة من تقرير دفع الضرائب لعام 2017، الصادر عن مؤسسة المحاسبة والمراجعة العالمية "بي دبليو سي" ومجموعة البنك الدولي.
وكما جرت العادة، فإن دولة الإمارات تبدأ من حيث ينتهي الآخرون، وتراعي في ما تستحدثه من نظم أفضل الممارسات العالمية وتتفوق عليها، ولذا فإن تفعيل النظام الضريبي يتطلب في الوقت الراهن المزيد من حملات التوعية وتوفير المعلومات والرد على الاستفسارات المتزايدة للمستهلكين حول تفاصيل هذا النظام بما في ذلك متطلبات الامتثال والعمليات الإدارية لحالات استرداد ضريبة القيمة المضافة والقطاعات والأنشطة الخاضعة لها، إذ أن الهدف هو الوصول إلى نظام ضريبي مثالي يساعد على زيادة الإيرادات الحكومية الأساسية، مع عدم إعاقة النشاط الاقتصادي في الوقت نفسه.
ومن المهم أن تنشط الجهات الرقابية خلال هذه الفترة بغرض لجم أية ممارسات غير قانونية قد تصاحب تطبيق النظام الضريبي، حمايةً للمستهلك من جهة، وحفاظاً على مبدأ حرية السوق والمنافسة العادلة من جهة أخرى.