لا أحد يعرف على وجه الدقة حجم ما جرى تداوله عبر آلية البيع على المكشوف بعد نحو أسبوعين من إتاحتها للمتعاملين في سوق الأسهم.
المعلومات المتوفرة تقول إن شركة وساطة واحدة حصلت على ترخيص لمزاولة هذا النشاط، وتردد أن عملية بحجم 50 ألف سهم جرى تنفيذها بهذه الآلية على إحدى الشركات المدرجة، ولكن لا بيانات متاحة على الموقع الإلكتروني للسوق، يمكن التأكد عبرها من دقة ما تردد.
صحيح أن الآلية ما زالت حديثة، وتحتاج وقتاً أطول حتى يعتاد عليها المتعاملون، وصحيح أيضاً أنها كانت تحتاج إلى المزيد من الترويج وحملات التوعية لضمان الإقبال عليها.
ولكن هل سوق الأسهم في حاجة إلى هذه الآلية في هذا التوقيت؟ وهل المستثمرون مهيؤون للتعامل معها؟ وهل الأفضل السماح بآليات وخيارات يحتاجها السوق فعلياً أم إتاحة أنشطة لمجرد استيفاء اشتراطات ربما تتعلق بترقية السوق ورفع تصنيفه حتى ولو لم تكن مفيدة للمتعاملين كافة؟
نظرياً، من المفترض أن آليات مثل الشراء بالهامش (الحصول على تمويل لشراء الأسهم في حال توقع الصعود)، والبيع على المكشوف (اقتراض أسهم وبيعها عند توقع الهبوط، ثم إعادة شرائها وردها لمالكها الأصلي لاحقاً) تسهم في تنويع الخيارات الاستثمارية أمام المتعاملين، وتعزيز قيم وأحجام التداولات المتدنية نسبياً في الوقت الراهن، ولكن الواقع يؤكد أن السيولة تخطت مستويات مليارية في أوقات سابقة من دون هاتين الآليتين، عندما كانت شهية المتعاملين مفتوحة للمخاطرة، وعندما كانت (الشركات المدرجة) جاذبة، كما يؤكد أيضاً أن السوق استقطبت مئات الملايين من الاستثمارات الأجنبية قبل تطبيقهما، عندما وجدت هذه الأموال فرصاً لتحقيق عوائد جيدة.
ولا يعني ذلك بالضرورة عدم البحث عن خيارات وآليات جديدة لتطبيقها في السوق، ولكن اختيار التوقيت وتهيئة الظروف والعمل على رفع وعي المتعاملين عوامل مهمة لنجاح التطبيق، والأهم من ذلك البحث بعمق في أسباب عدم تفاعل السوق بشكل كاف مع المحفزات الإيجابية اليومية سواء ما يتعلق بنتائج الأعمال الجيدة لأغلب الشركات المدرجة، وكذلك أحداثها الجوهرية التي تنبئ بالمزيد من التحسن في الربحية، أو ما يتعلق بالأداء القوي للاقتصاد الوطني، وما تشهده أغلب القطاعات من تطورات مبشرة.