مع قرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في دورته القادمة، يكثر حديث الشارع عن إنجازات الدورات السابقة للمجلس والمعايير التي يتم من خلالها تقييم المرشحين، ولمن ستذهب أصوات الناخبين، وعن آمال وطموحات أبناء مجتمع الإمارات من الدورات القادمة للمجلس الذي يعتبر السلطة الدستورية الرابعة من بين خمس سلطات في دولة الإمارات.
والملاحظ في الآراء المطروحة أنه غاب عن أذهان الكثير أن حكومة دولة الإمارات، وفق رؤية قيادتها، تتجه بشكل واضح نحو معالجة ملفات وقضايا تختلف تماماً عن تلك المطروحة على طاولة العمل الحكومي قبل عشرين سنة، فالتركيز على توفير الوظائف الحكومية تحول إلى تركيز على تنمية مهارات المستقبل وقدرات تواكب سوق العمل المبني على اقتصاد المعرفة، والحث على انخراط الكوادر الوطنية في القطاع الخاص كموظفين فاعلين ومنافسين في كبرى الشركات العالمية، أو ليكونوا رواد أعمال ناجحين قادرين على تأسيس شركاتهم الخاصة.
خلال انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، أو «العرس الانتخابي» كما يحلو للبعض تسميتها، يختار شعب الاتحاد من يمثلهم، وكل من ورد اسمه في الهيئة الانتخابية يحق له التصويت لمن يرى أنه الأجدر بتمثيله في قاعة المجلس، وكأي مجتمع آخر، يعيش بيننا الشاب والكبير، والذكر والأنثى، والغني والفقير، وبهذه الاختلافات، تختلف اهتماماتنا، وتختلف طرائق تعاملنا مع التحديات والقضايا اليومية، وردود أفعالنا تجاهها، ولكننا في نهاية المطاف نتحد في هدف واحد، ألا وهو خدمة الوطن.
على مر الدورات الثلاث للمجلس، نال عضوية المجلس مرشح واحد فقط من فئة الشباب، كان عمره آنذاك واحداً وثلاثين عاماً، في حين أن قيادتنا الرشيدة قررت أن تضع ثقتها الكبيرة في وزيرة بعمر الثانية والعشرين، ووزير للذكاء الاصطناعي بعمر الثامنة والعشرين، ووزراء آخرين ومسؤولين في مناصب قيادية وهم في عمر الشباب، وقد أثبتوا جدارتهم في تولي ملفات مستقبلية، ومعالجتها بقدرة وكفاءة عالية، ملفات مهمة كالمهارات المتقدمة والذكاء الاصطناعي والشباب والفضاء والعلوم المتقدمة.
قد تعتبر أكبر التحديات التي نحتاج معالجتها اليوم تمس الشباب ومستقبلهم، وبالتالي فإن إشراكهم في صنع القرار ضرورة حتمية لا مفر منها، وهو نهج تبنته قيادة دولة الإمارات مبكراً، فليس بغريب أن ترى شاباً بعمر الثامنة والعشرين يقود أكبر حدث حكومي عالمي، القمة العالمية للحكومات، وهو النهج الذي نحتاجه في مجلسنا الوطني اليوم، مجلسٌ شاب يراعي قضايا الشباب ويساهم في معالجتها.
عندما نقول بأننا نريده مجلساً شاباً، فليس بالضرورة أن يكون كل أعضائه تحت سن الخامسة والثلاثين، بل أن يتم تعزيز أعضاء المجلس من أصحاب الخبرة بنخبة من شباب الوطن القادرين على طرح طموحات الشباب وهمومهم بقوة، ليكونوا نافذةً حقيقيةً بين طاقات الشباب وتطلعاتهم وبين صناع القرار في الحكومة.