المعرفة هي القوة، لأن أفراد المجتمع حين يمتلكون المعرفة يكون بإمكانهم تطوير قدراتهم ومعالجة قضاياهم وتصريف أعمالهم، وعليه جاء تطور مراحل الاستخدام المدني للتكنولوجيا النووية بعد عدة عقود من استخدامه سلاحاً ذرياً، ففي عام 1954، أطلق الاتحاد السوفييتي أول مفاعل نووي يعمل على توفير الطاقة الكهربائية، واليوم 31 دولة تقريباً لديها محطات للطاقة النووية، ويتم إنتاج أكثر من 12% من الكهرباء في العالم باستخدام الطاقة النووية.
بعد التوجه السلمي والاستقرار للنظام الدولي، بدأت الحكومات ومراكز الأبحاث في أواخر الستينيات البحث في القطاع النووي السلمي، وبدأت الاختراعات وبراءات الاختراع تنهال عليهم، وخاصة الطبية، ومنها على سبيل المثال تصوير داخل جسم الإنسان باستخدام التقنيات النووية، وكذلك الإسهام في علاج بعض الأمراض، فقد تمكّن الأطباء، وفقاً للأبحاث في مجال التقنيات النووية، من تحديد كمية الإشعاع اللازمة لقتل الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة، ومن هنا ظهر الاستخدام الفعال للنظائر المشعة في التشخيص والعلاج، إضافة إلى التصوير بالأشعة السينية التي تعتبر من أهم أدوات التشخيص الطبية، وتستخدم المستشفيات أشعة جاما لتعقيم المعدات الطبية بأمان وبتكلفة قليلةً، وفي دولتنا يجري إعداد المتخصصين في مجال الطاقة النووية، وتجهيز وإعداد وتدريب الكوادر الطبية وأطقم التمريض بالتوعية في هذا المجال الحيوي، وذلك بالتعاون مع المؤسسات التعليمية المحلية والخبراء في التصميم والتشغيل والهندسة الفيزيائية والكيميائية، وتوطيد المعرفة في الممارسات العملية الخارجية لاكتساب الخبرات، ولا بد هنا من تأكيد الالتزام بقوانين وقواعد استخدام التقنيات النووية في المجال الطبي كشأن أي مجال يتعامل مع المصادر المشعة، واتباع طرق التخلص من المخلفات الإشعاعية بطريقة سليمة، وكيفية تأمين بيئة العمل المحيطة من أي عبث أو إهمال بهذا المجال، وذلك ما يطلَق عليه الأمان النووي.
ومن هذا المنطلق، نؤكد اكتساب المعرفة وتطويرها دائماً والسعي جدياً في طلبها، لأن تكلفة تجاهلها أكبر كثيراً من تكلفة اكتسابها.